العشرة المبشرين بالجنة

تعرف على الصحابة الذين بشرهم النبي بالجنة

العشرة المبشرون بالجنة هم عشرة من أتباع النبي محمد بشرهم بالجنة وفق رأي أهل السنة والجماعة، وهم الواردة أسماؤهم في الحديث الذي سرده كل من عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد عن النبي أنه قال: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة.»

وهناك عدد غيرهم من الأتباع قد بُشّرو بالجنّة كمثل خديجة بنت خويلد، وعبد الله بن سلام، وعكاشة بن محصن، ولكن اشتهر تعبير العشرة المبشرين بالجنّة لأنّ تبشيرهم ورد في حديث واحد.

أبو بكر الصديق

أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ (50 ق هـ – 13هـ / 573م – 634م) هو أولُ الخُلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، وهو وزيرُ النبي مُحمد وصديقه، ورفيقهُ عند ارتحاله إلى المدينة المنورة. يعتبره أهل السنة والجماعة أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصَّحابة إيمانًا ونسكا، وأعز الناس على النبي مُحمد بعد قرينته عائشة. غالبا ما يتبع اسمُ أبي بكرٍ بكنية الصّدِّيق، وهو اسم سماه إياه الرسول مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه.

ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بحولين وستة أشهر، وكان من أثرياء قُريش في الوثنية، فلما دعاه الرسول مُحمد إلى الإسلام تدين بالإسلام دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار.

ثم هاجر أبو بكر مصاحبا للرسول مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدر والمشاهد كلها مع الرسول مُحمد، ولما توعك النبي بمرضه الذي توفى به أمر أبا بكر أن يَؤمَّ العباد في الصلاة. توفي الرسول مُحمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالولاية في اليوم نفسه، فباشر شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، ومرقت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يحاربها ويُرسل العساكر لمقاومتها حتى أرضخ الجزيرة العربية بأكملها تحت السيطرة الإسلامية، ولما تمت مناوشات الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشَّام، ففتح جل العراق وجزئا عظيما من أرض الشَّام. توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان سنه ثلاثاً وستين سنة، فعقبه من بعده عمر بن الخطَّاب.

عمر بن الخطاب

أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المكنى بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار رفاق النبي محمد، وأحد أشهر الرجال والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرًا وسلطانا.

هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم. اضطلع بالخلافة الإسلامية بعد رحيل أبي بكر الصديق في 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 13 هـ. كان ابن الخطّاب قاضيًا عليما وقد اشتهر بعدالته وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد دوافع تسميته بالفاروق، لفصله بين الحق والباطل.

هو منشئ التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام قدرا عظيمًا، وتوسع مجال الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت سلطة المسلمين لأول مرة وهي ثالث أعظم المدن في الإسلام، وبهذا وسعت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية ونحو ثلثيّ أراضي الامبراطورية البيزنطية. تمثلت ألمعية عمر بن الخطاب العسكرية في غاراته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين جاوزوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطورتيهم خلال أقل من عامين، كما تمثلت مقدرته وحصافته السياسية والإدارية عبر إبقائه على اندماج ووحدة دولة كان حجمها يتزايد يومًا بعد يوم ويرتفع عدد سكانها وتتنوع أعراقها.

عثمان بن عفان

أبو عَبدِ اللهِ عُثمَانُ بْنُ عفَّانَ الأُمَوِيُّ القُرَشِيُّ (47 ق.هـ – 35 هـ / 576 – 656م) ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة الموعودون بالجنة، ومن السباقين إلى الإسلام. يكنى ذا النورين لأنه نكح اثنتين من كريمات رسول الإسلام محمد، حيث تزوج من رقية ثم بعد موتها تزوج من أم كلثوم.

كان عثمان أول مهاجر إلى بلاد الحبشة لحفظ الإسلام. ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة. ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة. وكان رسول اللَّه يأتمن به ويعزه ويعظمه لحيائه وسجاياه وحسن عشرته وما كان ينفقه من المال لمناصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلى وبقية العشرة، وأعلمه بأنه سيتوفى شهيداً.

بويع عثمان بالخلافة بعد الشورى التي انعقدت بعد مصرع عمر بن الخطاب سنة 23 هـ (644 م)، وقد تواصلت خلافته نحو اثني عشر عاماً. استكمل في عهده جمع القرآن و أنجز تطوير للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي، وفتحت في عهده عدد من المدن وتوسعت الدولة الإسلامية، فمن البلدان التي فتحت في أيام خلافته أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وقد شيد أول أسطول بحري إسلامي لصون السواحل الإسلامية من غارات البيزنطيين.

في الشطر الثاني من خلافة عثمان التي تواصلت لمدة اثنتي عشرة سنة، ظهرت أحداث الفتنة التي أفضت إلى قتله. وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق 12 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره اثنتان وثمانون سنة، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة.

علي بن أبي طالب

أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القُرشي (13 رجب 23 ق هـ/17 مارس 599م – 21 رمضان 40 هـ/ 27 يناير 661 م) ابن عم النبي محمد بن عبد الله ونسيبه، من آل بيته، وأحد رفاقه، هو رابع الخلفاء الراشدين عند السنة وأحد العشرة المبشرين بالجنة وأوّل الأئمّة عند الشيعة.

ولد في مكة وتشير مصادر التاريخ بأن ولادته كانت في جوف الكعبة، وأُمّه فاطمة بنت أسد الهاشميّة. أسلم قبل الهجرة النبويّة، وهو ثاني أو ثالث الناس دخولا في الإسلام، وأوّل من أسلم من الفتيان. هاجر إلى المدينة المنورة بعد هجرة النبي بثلاثة أيّام وآخاه الرسول محمد مع نفسه حين آخى بين المسلمين، وزوجه ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة.

شارك علي في كل حملات الرسول عدا حملة تبوك حيث خلّفه فيها النبي محمد على المدينة. وعُرف بقوته ومهارته في القتال فكان عاملا معتبرا في انتصار المسلمين في مختلف الحروب وأبرزها غزوة الخندق ومعركة خيبر. لقد كان علي محل ثقة النبي محمد فكان أحد كتاب الوحي وأحد أهم سفرائه ووزرائه.

تعد أهمية علي بن أبي طالب وعلاقته بأصحاب الرسول محل نزاع تاريخي وعقائدي بين الفرق الإسلامية المختلفة، فيرى بعضهم أن الله اختاره وصيًّا وإمامًا وخليفةً للمسلمين، وأنّ محمدًا قد أعلن ذلك في خطبة الغدير، لذا اعتبروا أنّ اختيار أبي بكر لخلافة المسلمين كان مخالفًا لتعاليم النبي محمد، كما يرون أنّ علاقة بعض الصحابة به كانت متأزمة. وعلى العكس من ذلك ينكر بعضهم حدوث مثل هذا التعيين، ويرون أنّ علاقة أصحاب الرسول به كانت ممتازة وثابتة. ويُعدّ اختلاف الرأي حول علي هو الدافع الأصلي للخلاف بين السنة والشيعة على مدى القرون.

بويع بالخلافة سنة 35 هـ (656 م) بالمدينة المنورة، وحكم خمس أعوام وثلاث أشهر وصفت بعدم الاستقرار السياسي، لكنها اتسمت بنمو حضاري حقيقي خاصة في عاصمة الخلافة الجديدة الكوفة. وقعت الكثير من الحروب بسبب الفتن التي تعد امتدادا لفتنة مقتل عثمان، مما أفضى لتشتت صف المسلمين وانشقاقهم لشيعة علي الخليفة الشرعي، وشيعة عثمان المطالبين بدمه على رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي ناجزه في صفين، وعائشة بنت أبي بكر ومعها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام الذين حاربوه في يوم الجمل بفعل فتنة أحدثها البعض حتى يتحاربوا؛ كما خرج على علي جماعة عرفوا بالخوارج ودحرهم في النهروان، وظهرت جماعات تناوئه وتتنصل من حكمه وسياسته لقبوا بالنواصب ولعل أبرزهم الخوارج. واستشهد على يد عبد الرحمن بن ملجم في رمضان سنة 40 هـ 661 م.

اشتهر علي عند المسلمين بالبلاغة والحنكة، فينسب له الكثير من القصائد والأقوال المأثورة. كما يُعدّ نموذجا للبسالة والقوّة ويتّصف بالعدل والنسك حسب الروايات الواردة في كتب الحديث والتاريخ. كما يعد من أكبر علماء جيله علمًا وفقهًا إنْ لم يكن أعظمهم على الإطلاق كما يرى الشيعة وبعض السنة، بما فيه عدد من الفرق الصوفيّة.

الزبير بن العوام

الزُّبَيْرُ بن العَوَّام الأسدي القرشي (28 ق.هـ – 36 هـ / 594 – 656م)، ابن عمة الرسول محمد بن عبد الله وابن أخ قرينته خديجة بنت خويلد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السباقين إلى الإسلام، يسمي بـ حواري نبي الله؛ لأن الرسول قال عنه: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ»، أوَّل من شهر حسامه في الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين انتقاهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. وهو أبو عبد الله بن الزبير الذي بُويع بالخلافة ولكن خلافته لم تلبث طويلًا، وزوج أسماء بنت أبي بكر المكناة بذات النطاقين.

أسلم الزبير وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل ابن ثمان سنوات، وكان إسلامه بعد إسلام أبي بكر الصديق، فقيل أنه كان رابع أو خامس من أسلم، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى ولم يُطِل الحلول بها، وتزوج أسماء بنت أبي بكر، وهاجرا إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، فأنجبت له عبد الله بن الزبير فكان أول مولود للمسلمين في المدينة.

ساهم في جميع الحملات في العصر النبوي، فكان قائد الميمنة في غزوة بدر، وكان حامل إحدى رايات المهاجرين الثلاث في فتح مكة، وكان ممن أرسلهم عمر بن الخطاب بمدد إلى عمرو بن العاص في فتح مصر، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.» وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقَتَله عمرو بن جرموز في موقعة الجمل، فكان قتله في رجبٍ سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة.

طلحة بن عبيد الله

طَلْحَة بن عُبَيْد اللّه التَّيمي القُرشي (28 ق.هـ – 36 هـ / 594 – 656م)، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السباقين البادئين في الإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. قال عنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه شهيد يمشي على الأرض فقال: «من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله».

أسلم مبكرًا، فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وهاجر إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، وشارك في جميع الحملات في العصر النبوي إلا غزوة بدر حيث كان بالشام، وكان ممن ذادوا عن النبي محمد في غزوة أحد حتى شُلَّت يده، فبقي كذلك إلى أن توفى. وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.»، وبعد مصرع عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبًا بالقصاص من قتلة عثمان فقُتِلَ في موقعة الجمل، فكان قتله في رجبٍ سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستُّون سنة، وقيل اثنان وستُّون سنة. كان لطلحة أحد عشر نجلا وأربع بنات، وكان يُسمّي أبناءه بأسماء الرسل، فمنهم محمد بن طلحة السجاد وعمران بن طلحة وموسى بن طلحة وعيسى بن طلحة، وغيرهم.

عبد الرحمن بن عوف

عبد الرّحمن بن عوف القرشيّ الزهريّ (43 ق.هـ – 32 هـ / 580 – 656م)، هو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة، ومن السباقين البادئين إلى الإسلام، وأحد الثمانية الذين سبقوا بالإسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين انتقاهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسماه النبي عبد الرحمن.

وُلد عبد الرّحمن بن عوف بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى، ثم هاجر إلى المدينة، وساهم في جميع الحملات في العصر النبوي، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان، أوفده الرسول على سرية إلى دومة الجندل، وصلى النبي محمد وراءه في إحدى الغزوات، وكان عمر بن الخطاب يشاوره، وجعله عمر في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.» توفى سنة 32 هـ، وصلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة.

كان عبد الرحمن تاجرًا غنيا، وكان نبيلا، حيث تصدَّق في زمن النبي بنصف ماله والبالغ أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفًا، واشترى خمسمائة فرس للقتال، ثم اشترى خمسمائة راحلة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض عبيده، وكان إرثه مالًا موفورا.

سعيد بن زيد

سَعِيد بن زَيْد القرشي العدوي (22 ق.هـ – 51 هـ / 600 – 671م) هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، حيث أسلم بعد ثلاثة عشر شخصا، وقبل أن يدخل الرسول دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها، كان والده زيد من الأحناف في الوثنية؛ فلا يعبد إلا الله ولا يسجد للأصنام، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وأخته عاتكة بنت زيد زوجة عمر، وقرينته هي أخت عمر فاطمة بنت الخطاب والتي كانت سببًا في إسلام عمر بن الخطاب.

كان سعيد من المهاجرين الأولين، وكان من سادات الصحابة، شهد سعيد المشاهد كلها مع الرسول إلا غزوة بدر، حيث أرسله النبي هو وطلحة بن عبيد الله للتجسس على أخبار قريش، فرجعا بعد غزوة بدر، فضرب لهما الرسول بسهمهما وأجرهما، وشهد حرب اليرموك، ومحاصرة دمشق وفتحها، و ولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فكان أول من عمل نيابة دمشق من المسلمين، وتُوُفي بالعقيق سنة إحدى وخمسين للهجرة، وهو ابن بضع وسبعين سنة، و نقل إلى المدينة، وغسله سعد بن أبي وقاص وسجاه.

سعد بن أبي وقاص

سَعْد بن أَبي وقاص مَالِك الزهري القرشي (23 ق هـ أو 27 ق هـ – 55 هـ / 595 أو 599 – 674م)، أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السباقين السالفين إلى الإسلام، فقيل ثالث من أسلم وقيل السابع، وهو أوّل من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وقال له النبي: «ارم فداك أبي وأمي»، وهو من أخوال النبي، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين انتقاهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.

هاجر سَعْدُ إلى المدينة المنورة، وشهد غزوة بدر وأحد وثَبُتَ فيها حين ولى الناس، وشهد غزوة الخندق وبايع في الحديبية وشهد خيبر وفتح مكة، وكانت معه يومئذٍ إِحدى ألوية المهاجرين الثلاث، وشهد المشاهد كلها مع النبي، وكان من الرماة الماهرين، استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي سَيَّرها لقتال الفرس، فظفر بهم في موقعة القادسية، وأَرسل جيشًا لقتال الفرس بجلولاء فدحروهم، وهو الذي فتح مدائن كسرى بالعراق. فكان من قادة الفتح الإسلامي لفارس، وكان أول ولاة الكوفة، حيث قام بتكوينها بأمر من عمر سنة 17 هـ، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: «هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.» اعتزل سعد الفتنة بين علي ومعاوية، وتوفى في سنة 55 هـ بالعقيق ودُفِنَ بالمدينة، وكان آخر المهاجرين وفاةً.

أبو عبيدة بن الجراح

أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي (40 ق هـ/584م – 18هـ/639م) صحابي وقائد مسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السباقين الأوائل إلى الإسلام، سماه الرسول محمدٌ بأمين الأمة حيث قال: «إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح». وقال له أبو بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة: «قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح».

أسلم أبو عبيدة في فترة مبكرة من الدعوة الإسلامية، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، وشهد مع النبي محمد غزوة بدر والمشاهد كلها، وكان من الذين صمدوا في ميدان المعركة عندما بُوغت المسلمون بهجوم المشركين يوم أُحُد. وفي عهد أبي بكر الصديق، كان أبو عبيدة أحد القادة الأربعة الذين عيَّنهم أبو بكر لفتح بلاد الشام، ثم أمر أبو بكر خالداً بنَ الوليد أن يسير من العراق إلى الشام لقيادة الجيوش الإسلامية فيها، فلما ولي عمر بن الخطاب الخلافةَ عَزَلَ خالداً بنَ الوليد، واستعمل أبا عبيدة، فقال خالد: «وَلِيَ عليكم أمينُ هذه الأمة»، وقد نجح أبو عبيدة في فتح دمشق وغيرِها من مُدُنِ الشامِ وقُراها. وفي عام 18هـ الموافق 639م توفي أبو عبيدة بسبب طاعون عمواس في غور الأردن ودُفن هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى