سقوط بغداد في أيدي المغول، وانتهاء الخلافة العباسية في 10 فبراير 1258
سُقُوطُ بَغْدَادَ هو المصطلح الذي يدل على دخول المغول بقيادة (هولاكو ) مدينة بغداد عاصمة الدولة العبَّاسيَّة ومركز الخلافة الإسلاميَّة يوم 9 صفر 656 هـ المُوافق إلى 10 شُباط (فبراير) 1258م، بتكليفٍ من الخاقان الأكبر (منكو خان) الذي طلب من أخيه هولاكو إتمام فُتُوحات المغول في جنوب غرب آسيا التي كان قد بدأها جدهما جنكيز خان، وهو ما قام به هولاكو حيث تمكن جنده من مداهمة بغداد بعد أن حاصرها طيلة 12 يومًا، فدمَّرها وأباد مُعظم قاطنيها.
في محتوى هذا المقال
هولاكو يطيح بالدولة الخوارزميَّة
كان المغول قبل اجتياحهم بغداد قد أطاحوا بالدولة الخوارزميَّة من قبل والتي شكَّلت خط الدفاع الإسلامي الأساسي ضدَّ الحملات المغوليَّة، وتمكنوا من إبادة بعض الفرق التي عجز عنها المُسلمون وشكَّلت مصدر مضايقة لهم طوال أعوام، مثل الحشاشين الذين هدم معقلهم في (آلموت) بِإقليم جيلان شمال فارس.
وبسُقوط الدولة الخوارزميَّة اختفى من أمام المغول الحاجز الذي يحول دون تقدُّمهم غربًا عبر فارس وُصولًا إلى العراق.
هُولاكو يهدد الخليفة العبَّاسي
أرسل هُولاكو إلى الخليفة العبَّاسي أبو أحمد عبد الله المُستعصم بالله، يطلب إليه أن يقوض حُصون بغداد ويردم الخنادق المحفورة حولها لأنه لم يُرسل إليه جيشا ليُساعده في تطويق (آلموت) رُغم أنَّهُ أظهر الخضوع والامتثال لسيطرة المغول، وحاول الخليفة مراضاة هُولاكو وبعث إليه بمكتوب يستلطفه وأرفقه بالهبات، لكنَّ جواب هُولاكو كان عبارة عن تهديد صريح بغزو الممالك العبَّاسيَّة وإفنائها عن بكرة أبيها.
غزو المغول لِبغداد مأساة كبرى للمُسلمين
شكَّل غزو المغول لِبغداد ودكِّهم حصون الحضارة والعُمران فيها وبطشهم بأهلها مأساة عظمى للمُسلمين، بل اعتبرت مصيبة المصائب في حقبتها. حيث احترقت العديد من المُؤلَّفات القيِّمة والثمينة في مُختلف القطاعات العلميَّة والفلسفيَّة والأدبيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة وغيرها.
إحراق بيت الحكمة وإهدار أنفس الكتب العربية
بعد أن أشعل المغول النار في بيت الحكمة، وهي إحدى أمجد مكتبات العالم القديم آنذاك، وألقوا بالمصنفات في نهريّ دجلة والفُرات، كما بطشوا بالعديد من أهل المعرفة والعلم، وأحالوا آخرين إلى إلخانيَّة فارس، وهدموا الكثير من الصروح العُمرانيَّة من جوامع وقُصور ورياض ومدارس ومشافي.
سُقوط بغداد مثل خاتمة العصر الذهبي للإسلام
ومن خلص من السكان من المجزرة أصابته الأمراض التي راجت في الجو مغبة كثرة القتلى، وبعض هُؤلاء توفى أيضًا. نتيجةً لِذلك، اعتبر العديد من المُؤرخين المُسلمين والغربيين سُقوط بغداد خاتمة العصر الذهبي للإسلام، فيما يراه المُؤرخون المُعاصرون بداية انحدار الحضارة الإسلاميَّة ونكستها، ذلك لأنَّ بعض المُنجزات الحضاريَّة تواصلت بالظُهور (ولو على نحوٍ أقل) حتَّى ذُروة الحقبة العُثمانية وتحديدًا عصر السُلطان سُليمان القانوني.
الجدل حول أسباب سقوط بغداد
ظهر مع سُقوط وتدمير بغداد الكثير من التنبؤات والتفسيرات والمفاهيم التي ما زال الكثير منها غير مُؤكد أو محل مجادلة كبيرةٍ بين المُؤرخين والمُطلعين، نظرًا لِما ينطوي عليه من اتهاماتٍ تاريخيَّةٍ خطيرة.
فقد زعم أنَّ دُخول المغول إلى بغداد كان بغدر الوزير ابن العُلقُمي شيعيّ المعتقد، وأنَّ شيعة بغداد تآزروا مع المغول نكاية في الخليفة الذي كان يُعاملهم بِتمييز عُنصري، فيما نفى مُؤرخون آخرون هذا المنطق مُؤكدين أنَّ ابن العُلقُمي كان صادقا مع الخليفة، لكنَّ الخليفة العبَّاسي لم يُصغ الى مشورته.
كذلك، قيل بأنَّ الصليبيين في الشَّام كانوا على تواصل مع المغول ويحفزونهم على اجتياح ديار الإسلام، كما قيل أنَّ البابا ذاته بعث رُسلًا إلى هُولاكو يحرضه على ذلك.