تفسير رؤية الشارع في المنام
رؤيتك للشارع في الحلم تتضمن أكثر من دلالة ومعنى، فهو ليس رمزا مجردا أو مطلقا، بل هو إطار يستوعب جملة من المعاني شأنه في ذلك شأن أي إطار مكاني آخر يتشكل فيه الحلم.
الشارع في المنام هو مسرح الحدث ولكن من خلاله يمكننا ان نستدل على حالتنا النفسية فالشارع الواسع أو الفسيح يصور آمالنا ونظرتنا الإيجابية للمستقبل، والشارع الضيق يؤول بعكس ذلك.
في هذا المقال سوف نحاول فهم المغزى من رؤيته من خلال مقاربة سيكولوجية حديثة وهي المقاربة الأنسب في نظري لتفسير هذا الحلم.
في محتوى هذا المقال
مقدمة عامة
الشارع في المنام تكتظ فيه المباني والدكاكين وغالبا ما يكون للشارع إسم يميزه ويظهر الشارع في المنام متفرعا من شارع أكبر أو متقاطع مع طريق تزينه المصابيح واللوحات الإشهارية… المارة كثر؛ نساء ورجال وأطفال، منهم من يسير على قدميه، ومنهم ممن يركب دراجة وأغلب هؤلاء مجهولين في الرؤيا بعضهم نعرف وجوههم ولكن لا نعرف أسماءهم. نحن في مثل هذه الأحلام نعيش محاكاة للواقع عندما يتسم واقعنا ذلك بشعور الاغتراب، الإغتراب بمعناه النفسي وكذلك الاجتماعي.
الدلالة العامة ورمزية الشارع في عقلنا الباطن
الشارع له أحيانا دلالة سيئة في مخيلتنا العامة أو وجداننا الشعبي، فنحن نطلق على الأشخاص السيئين صفة “أولاد الشارع” وكذلك نسمي المأكولات الرخيصة والخالية من أية قيمة “بمأكولات الشارع” وكذلك الكلاب او القطط السائبة نسميها كلاب أو قطط الشوارع.
الشارع أحيانا يذكرنا بالفقر والتشرد فهو مأوى المتسولين والشحاذين وهو مأوى من لا مأوى له.
نحن نرتاد الشارع في اليقظة، ولكن ما لا نعلمه هو أننا في عقلنا الباطن نزدريه، لأنه يشعرنا بالغربة أو عدم الأمان.
السير في الشوارع غالبا ما يرتبط بحوادث الطرقات، وكذلك بحوادث النهب والسلب، وربما نتعرض للسوء في الشارع أكثر من أي مكان آخر، ليس بوسع أي شخص أن يشعر بالأمان في الشارع حتى و ان لم يستشعر الإنسان ذلك في عقله الواعي، منذ ظهور الحضارة و الإنسان يستشعر الخوف من المجهول و الشارع في مفهومه العميق هو بؤرة كل مجهول لهذا السبب نجد أن بعض الأشخاص لا يحبذون كثيرا السير في الشوارع بل يرتادونها فقط عند الحاجة ( التبضع أو قضاء بعض الشؤون) الإنسان بطبعه لا يستأنس إلا بيته و بطبيعة الحال هذه المقاربة لا تشمل الجميع فقد تختلف من شخص الى آخر و ربما النساء هن اكثر الأشخاص الذين لا يستأنسون الشارع إلا نادرا .
كثيرا ما نرى في المنام شوارع تذكرنا بالماضي زمن الطفولة او الشباب، أحيانا تظهر لنا الشوارع في شكل جميل وفي أحيان أخرى تظهر لنا الشوارع قبيحة مهملة متسخة… وربما تنبعث منها رائحة كريهة، نحن في هذا الخضم إزاء تداعيات الذاكرة زمن الحلم.
إن العقل الباطن يخزن صورا من الماضي لأنها تركت انطباعا أو شعورا بعينه، العقل الباطن لا يعمل بصورة اعتباطية كما يعتقد البعض، حتى وان بدت احلامنا مبعثرة وغير واضحة هي بالأساس جزء من إدراكنا ، الحلم عندما يكون مزدحما بصور غير مفهومة هو أساسا يترجم انفعالاتنا المكبوتة التي ليس بوسعنا الإفصاح عنها فنلجأ الى تشفير الاحلام أي تصويرها من خلال رموز غاية في التعقيد .
تفسير الشارع في المنام من خلال الإسم
رؤية الشارع في المنام يتوقف تأويلها عند معطيات هامة أولها إسم الشارع، هل هو إسم محمود او إسم مكروه؟ فاذا كان الإسم محمود فإن الشارع يصف حالة إيجابية يمر بها الرائي، وإذا كان الإسم مكروها فإن الشارع في المنام يصف وضعا متأزما او قاتما بعض االشيئ.
أغلب أسماء الشوارع تنسب لشخصيات معروفة بوسع الرائي ان يؤول المعنى من خلال إسم ذلك الشارع فعلى سبيل المثال لا الحصر:
- شارع جمال عبد الناصر يرمز في المنام الى النصر والتوفيق والسؤدد والنجاح..
- شارع المملكة العربية السعودية قد يرمز في المنام الى السعد والحظ.
- شارع الملك فيصل يدل على القوة والنفاذ وبلوغ المراد.
- شارع الحكمة يدل على بلوغ الهداية والرشاد، شارع الأمل يدل على تجدد الآمال والطموح، شارع النجاح يدل على السداد والتوفيق شارع الخير يدل على الخيرات وهكذا. (طبعا هذه الأسماء مجرد أمثلة) ….
بعد الإسم يجب على الرائي أن يستخلص معنى حلمه من خلال هيئة الشارع، فإن كان الشارع نظيفا واسعا غير مكتظ بالمارة وليس فيه ضجيج أو رائحة عوادم السيارات، فالشارع في هذا السياق من التأويل يدل على سعة الحياة وسكينة النفس وربما دل الشارع هنا على محيط اجتماعي وأسري طيب.
الشارع الطويل في المنام
الشارع الطويل في المنام يدل على مسيرة طويلة من العمل والبذل والكد والشارع القصير يدل على طريق قصيرة يحاول الرائي أن يسلكها في اليقظة ليبلغ هدفه.
الشارع المزدحم في الحلم
أما الشارع المزدحم فهو تعبير على مدى اختلاط المسائل وبعثرتها في ذهن الرائي، خاصة إذا ما رأى في وجوه المارة شحوبا أو رأى نحولا في أجسادهم او رآهم يمشون في الشارع دونما هدف وكأنهم في حالة من التيه.
الشارع المزدحم في المنام يدل على الضيق والكدر النفسي الذي يعيشه الرائي ويعبر كذلك على قلة الفرص المتاحة في الحياة كما يدل الشارع المزدحم في المنام على شظف العيش…
الشارع المشرق في المنام
إذا ظهر الشارع في المنام مشرقا بأشعة الشمس الدافئة، وشعر الرائي في خضم ذلك بالغبطة والسرور، فإن الحلم في هذا السياق يعبر عن إشراقة متجددة في الحياة، ويعبر كذلك على طاقة نفسية إيجابية، وحالة وجدانية خاصة بوسعها ان تغير أوضاع الرائي وتنقله الى مجال أرحب وأكثر حيوية وتألق.
إن اشراقة الشمس الدافئة غالبا ما ترمز في الاحلام الى طاقة الشباب وتجدد الحياة …
الشارع المسدود أو المقطوع في المنام
إذا رأى الشخص في منامه كأن الشارع الذي يعبره مقطوع، أو ينتشر فيه رجال الأمن، أو رأى في الشارع حواجز، فذلك تأويله أن الرائي قد انقطعت بعض السبل أمامه، فهو في حيرة من أمره، يود بلوغ هدفه لكن الحواجز تمنعه، في الاثناء عليه ان يتجلد ويتحلى بروح الصبر والمثابرة عليه ان يتحمل القليل من الضيق حتى تفتح أمامه السبل من جديد.
الشارع المظلم في المنام
أما إذا رأى صاحب الحلم كأنه يسلك او يعبر شارعا مظلما كئيبا خاليا من المارة أو رأى فيه كلابا تعوي وقطط أو أشباح، فإن على الرائي ان ينتبه لبعض من تصرفاته وعلاقاته، لأن المسائل تبدو معقدة من حوله وظلمة الشوارع والدروب تشير في الاحلام الى غموض بعض الأشخاص من حولنا وربما دل الشارع المظلم على عدم قدرتنا على فهم أنفسنا وتحديد اتجاهاتنا.
إن حلم الشارع تحكمه عوامل كثيرة يجب التوقف عندها لأن الشارع يصف بكل وضوح جانبا من حياتنا او حياتنا كلها. كل رمز في الشارع هو دليل ومؤشر في الحلم، والرموز الإيجابية في الشارع كثيرة ومثل ذلك: المصابيح التي ترمز للأمل والزينة التي ترمز لمباهج الدنيا وكذلك الوجوه الجميلة ليس بوسعنا تحديد معنى مجرد للشارع الا من خلال الرموز التي يتضمنها. الشارع في المحصلة هو مسرح للحلم أو الوعاء الذي يفرغ فيه عقلنا الباطن جملة من الأفكار والتصورات تجاه ذاته أو تجاه محيطه العام.