الرحلة في المنام بواسطة الحافلة و على متن القطار و السيارة

أيها السيدات والسادة، مرحبا بكم في موقع تفسير الأحلام. في هذا المقال سوف نستعرض وإياكم أهم معاني الرحلة في المنام وما يتصل بها من أجواء ومظاهر.
وسوف نسعى من خلال هذا التفسير إلى تحليل وفك أهم الرموز والدلالات التي قد تشير إليها الرحلات في أحلامنا.
وفي سبيل ذلك سوف نسعى إلى قراءة نفسية سيكولوجية تميط اللثام عما قد يكتنف هذه الرؤيا أو الحلم من غموض وأسرار. ولكن قبل ذلك كله دعونا نتعرف عن معنى الرحلة ودلالتها في اللغة.

المدخل العام لتفسير الرحلة في المنام

من أهم أصول تعبير الرؤي هو العودة والرجوع إلى مفهوم المصطلح، لذلك نسعى في كل مرة وقبل الخوض في أي تأويل أن نبحث عن معناه في ثقافتنا وعقلنا الجمعي. فلا سبيل إلى تفسير أي حلم دونما تأصيل للمفهوم.
الرحلة مصطلح ضارب القدم في اللغة العربية، ومعناه الذهاب من مكان إلى آخر أو التنقل من موضع إلى موضع.
وقد ذكرت كلمة الرحلة في القرآن الكريم إذ قال تعالى: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).
[رحلة الشتاء والصيف هما جولتا تجارة، إذ كانت قريش تهيئهما في هذين الفصلين من كل عام. الأولى في الشتاء ومقصدها بلاد اليمن، والثانية صيفًا ومقصدها بلاد الشام.] 
والرحلة اصطلاحا معناها السفر وهي قريبة في المعنى من الجولة ولكن الرحلة تدل على الأسفار البعيدة أو الطويلة.

معنى الرحلة في المنام عموما 

إن كل ظاهرة أو فعل يرى فيهما الرائي كأنه ينتقل من مكان إلى مكان، هي دالة على تبدل الحال أو تغير الأوضاع معيشية كانت أو اجتماعية أو نفسية أو عاطفية.

الرحلة في المنام ( تفسير عبد الغني النابلسي)

يقول النابلسي في كتابه تعطير الأنام في تعبير المنام:” الترحال والسفر يدلان في المنام على كشف معادن الناس وخفايا أنفسهم.”
فإذا كان المرتحل في المنام فقيراً إستغنى. ومن رأى كأنه يرتحل فإنه ينتقل من حال إلى حال. وقد تكون الرحلة في المنام دليل توبة أو رجوع عن معصية، أو قضاء حاجة.
ومن رأى كأنَّه يرتحل على قدميه فذلك دين غالب عليه. ومن رأى أنه انتقل إلى دار مجهولة فإنه يسافر.
وجاء في المأثور من التأويل إن الترحال على ظهور الدواب والخيول يدل على التسيير والتسهيل في قضاء الشؤون.

مقاربة سيكولوجية حديثة 

أما في عصرنا الحديث فإن مفهوم الرحلة قد تغير بتغير أغراضها ووسائلها. فلم تعد الرحلة دالة على السفر الطويل بل هي تدل على سفرة قصيرة، والغرض منها هو التسلية والترفيه وتغيير الأجواء والترويح عن النفس. فأصبحنا لا نقول فلان رحل أو ارتحل، بل نقول فلان ذهب في رحلة وشتان بين الرحيل والرحلة.
والرحلة غالبا ما تكون بواسطة السيارة أو الحافلة أو القطار، وغايتها إما الشاطئ أو الجبل أو الغابة أو المدينة.
والرحلة تقترن أيضا بزيارة المتاحف والمعابد والآثار وغالبا ما تقترن أيضا باقتناء بعض الأشياء البسيطة للتذكار.
في هذا المقال سوف نعمل على تحديد مراحل ومشاهد رئيسية لتفسير حلم الرحلة وهي: الاستعداد، أطوار الرحلة، أجواء الرحلة، الرفقة في الرحلة، الوسيلة المستخدمة، الغرض من الرحلة أو وجهتها في المنام.
كل عنصر من هذه العناصر التي سوف نتناولها يشكل في حد ذاته معنى ومغزى.
إن الذي يرى الرحلة في منامه ليس بالضروري قد رأى كل أطوارها. فقد يبدأ الحلم بالاستعداد إلى الرحلة ويتوقف في تلك المرحلة، وقد يستمر الرائي في رؤية الرحلة دونما أن يرى مقصدها أو وجهة وصوله.
وقد تحدث أثناء الرحلة أحداث غريبة وأخرى مألوفة كل هذا سوف نشرحه بالتفصيل للبحث عن معنى ودلالة الحلم.

تفسير الاستعداد للرحلة في المنام

الاستعداد للرحلة في المنام من خلال إعداد حقيبة السفر ووضع المقتنيات، يعبر في الأحلام على تأهب الرائي وجاهزيته تجاه هدف من أهدافه أو مرحلة جديدة من مراحل حياته المحورية.
عندما يرى النائم كأنه يستعد جيدا لرحلته من خلال التجهز الكامل لها دون إهمال أدق التفاصيل، فهو في الواقع مستعد لخوض المرحلة القادمة على أكمل وجه.
فإذا رأى ذلك الطالب أو التلميذ الذي يستعد للامتحان؛ فمعنى حلمه أنه متهيئ نفسيا ومعرفيا لاجتياز ذلك الاستحقاق أو تلك المناظرة.
أما إذا رأى في المنام كأن شيئا ينقصه، أو رأى كأنه نسي شيئا مهما، فذلك معناه أن الرائي لم يكمل بعد رحلة الإعداد لذلك الامتحان. ومن ثمة هو مطالب بالانكباب مجددا على الدرس والمذاكرة حتى يستجمع جميع قدراته لتجاوز ذلك الامتحان بنجاح.

رؤية العزباء في المنام كأنها تستعد أو تعد لرحلة

أما الفتاة العزباء، والتي تكون على وشك الزواج، وترى في منامها كأنها تستعد جيدا للرحلة، فمعنى حلمها أن أمست جاهزة للارتباط وأنها أصبحت قادرة على تحمل المسؤولية كاملة.
فإن رأت في المنام كأن شيئا ما ينقصها مثل المال أو الطعام أو اللباس، فإن الحلم في هذه الصيغة يعبر أيضا عن نقص ما قد يحول بينها وبين الزواج في المرحلة الراهنة.
وقد يكون السبب الرئيسي عدم تتوفر القدرات المادية، أو عدم استعدادها النفسي لخوض تجربة الزواج في المرحلة الراهنة.

تفسير الذهاب في رحلة في المنام 

في هذا العنصر سوف نستعرض أهم التفاسير والدلالات المتعلقة بأجواء السفر أثناء الرحلة في المنام. وكذلك وسيلة النقل المستخدمة في تلك الرحلة.

الرحلة على متن الحافلة أو الباص في المنام

إن أهم ما يميز الباص في الحلم هو دلالته الاجتماعية. إن طريقة جلوسنا في الحافلة تترجم بشكل واضح وصريح طريقة وأسلوب تموقعنا في محيطنا الاجتماعي.
إن الذي يرى في منامه كأنه ينزوي بفرده في المقاعد الخلفية للباص، غالبا ما يلجئ في يقظته إلى الانزواء والعزلة.
ميزة هذا المشهد؛ أنه يعكس بوضوح رغبة الرائي البقاء في الصفوف الخلفية يحب المراقبة والترقب عينه على كل شيء.
المشهد قد يصور النزعة الفردية للرائي أو الإجراء الحمائيي الذي يستخدمه في مواجهة الآخر، وربما دل المشهد أيضا على مدى تمتع الرائي بصفة الحيطة والحذر وأسلوب الدفاع ودفع المخاطر.
أما الذي يرى في منامه كأنه يجلس في وسط الحافلة ويستمتع بمشاهدة الطبيعة من خلال النافذة هو بالضرورة شخص وسطي واجتماعي بالدرجة الأولى.
شخص محب للمخالطة، شخص اجتماعي بامتياز. لديه القدرة على التكيف والتوافق والانسجام الكلي والمطلق.
أما الشخص الذي يرى في منامه كأنه يجلس في المقعد الأمامي حذو السائق، فإنه في الواقع شخص مبادر أو مغامر. لا يغشى العراقيل، ولا يتوجس من أي أمر، يهوى القيادة والريادة، عاشق للنجاح، متعلق بأهدافه، لا يثني عزيمته شيء، محب للظهور والبروز.
وربما دلت الرؤيا على خفايا شخصيته النرجسية التي يغلب عليها طابع حب النفس أو الأنانية، وربما الغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين.
ويدعم هذا التأويل؛ الجلوس المريح في المقعد، وكذلك الاستمتاع بالرحلة والرفقة. فمن رأى في منامه كأنه يستأنس برفقة طيبة أثناء الرحلة هو في الواقع يحظى بالقبول في محيطه الاجتماعي والأسري وكذلك المهني.

شخص ما يصعد فجأة إلى الحافلة في الحلم

مشهد قد يتكرر كثيرا في أحلام السفر والرحلات. عندما نرى في المنام كأننا نستمتع بسفرة مريحة وفجأة يتوقف الباص فيصعد شرطي، هذا الشرطي يرمز في واقع الأمر إلى الأمان والثقة سواء في الآخرين أو في المحيط العام.
الشرطي في حلم الرحلة هو الرقيب والذهن المستنير أو هو ببساطة شديدة ضميرنا الذي يراقب سلوكنا وتصرفاتنا حيال الآخرين وحيال أنفسنا هو يراقب مسيرتنا يستوقفنا حينا وفي أحيان أخرى يرشدنا إلى الطريق السليم.
الشرطي في الرحلة رمز هام يجب التوقف عند دلالته ومعناه ومغزى ظهوره في الحلم.
الشرطي لا يظهر في المنام جزافا ولا اعتباطا، إنه المرشد والدليل وهو الأمن. عقلنا الباطن يختار وقت ظهوره بعناية ويدرجه رمزيا ضمن سياق عام في الحلم، ليشعر الرائي بالأمان حتى وإن ظهر الشرطي عنيفا فلا ضير من الرؤيا، لأن الشرطي أساسا يرمز إلى السلطة والسلطة تتمظهر وتتجلى من خلال العنف، العنف بمدلوله الإيجابي وليس السيئ، فنحن عندما نرى الشرطي عنيفا في اليقظة نعلم جيدا أنه يطبق ضوابط القانون بوصفه مأمورا عموميا.
نحن في اليقظة نتقبل إلى حد ما عنف الشرطي بينما نشجبه ونرفضه إذا ما صدر العنف من شخص آخر.
وربما يصعد شخص مشهور إلى الحافلة في الحلم، هذا الشخص قد يدل على خير مقبل في الطريق إذا ما كان اسمه يدل على ذلك.
وقد يصعد فجأة شخص عزيز، هذا المشهد قد يعبر عن لقاء قريب بعد فراق وربما دل على حظ طيب وربما دل على خير سوف يلاقيه الرائي في منعطف الطريق.
وقد يكون هذا الشخص الذي صعد فجأة من الأشخاص الذين يكره الرائي رؤيتهم في اليقظة، قد يكون غريما أو عدوا، قد يكون متنمرا، قد تكون لنا معه ذكريات غير مريحة، رؤيتنا لذلك الشخص في الحلم وكأنه يسافر معنا، تصور مدى خوفنا من تكرار تجربة مريرة سواء على الصعيد العملي أو الاجتماعي أو حتى العاطفي.
وعلى سبيل المثال لا الحصر قد ترى المطلقة طليقها في هذا المشهد، وقد ترى المتزوجة خطيبها السابق وقد ترى العزباء حبيبها السابق، كل هؤلاء في حلم الرحلة يصورون تجاربنا السابقة والفاشلة.
الرائي في الأثناء عليه أن يكون أكثر ثقة بنفسه وعليه ألا يخشى من ماضيه أن يتكرر طالما قد غير هو من طبيعته فإن مستقبله سيكون أفضل على أية حال.

صعود مفاجئ للكمسري أو مراقب التذاكر في المنام

مشهد لا يبد مريحا على الإطلاق خاصة لمن يحسبون في الحلم وكأنهم ركبوا الحافلة خلسة أو بدون تذاكر. هذا المشهد قد يعبر عن بعض من مخاوف الرائي المتصلة ببعض هفواته في اليقظة والتي يخشى على إثرها من الوقوع تحت طائلة اللوم أو العقاب.
المراقب في هذا المشهد من حلم الرحلة قد يتخذ تجاه الرائي إجراء غير لطيف بالمرة فقد يلزمه بدفع غرامة وقد يجبره على النزول من الحافلة، هذا المشهد قد يصف تعرض الرائي إلى بعض من العراقيل في مسألة يسعى إليها أو غاية يريد تحقيقها ما عليه في هذا السياق سوى مراجعة هفوات الماضي و إصلاح أمره على النحو الذي يجعل طريقه نحو المستقبل سالكا و آمنا.
عنصر المفاجأة في هذا الحلم هو حيلة يستخدمها العقل الباطن لتحذير الرائي أو تنبيهه من مغبة الوقوع في المحظور أي كان نوعه وأي كانت طبيعته.
ليس “الكمسري” أو مراقب التذاكر في المنام سوى رمزا لمجموعة ضوابط وأحكام يفرضها علينا المجتمع ومثله في التأويل الشرطي كلاهما يشير إلى القيم والثوابت التي علينا أن نتقيد بها في اليقظة.
عندما يصعد الكمسري فجأة في حلم الرحلة ويطلب منك تذكرتك أو وثيقة السفر، فذلك معناه أنك مقيد بشروط أساسية في هذه الحياة وليس بوسعك أن تمضي فيها بحريتك المطلقة وهذا الحلم يذكرك أيضا بوجوب مراجعة نفسك قبل أي تغيير تنوي فعله في المستقبل.

تفسير مشهد الحادث أثناء الرحلة في المنام

إن حوادث السير والطرقات غالبا ما تعبر في المنام عن بعض العقبات التي قد نواجهها، عقبات قد لا تحول بيننا وبين أهدافنا، ولكنها تنذرنا أو تحدثنا بأن الطريق الذي اخترناه ليس بالضرورة آمنا. وعلى ذلك يجب اتخاذ الحيطة والانتباه في كل خطوة نخطوها أو مرحلة نعبرها.

الفرق بين رحلة الليل والنهار في المنام

لطالما شكل الليل والنهار ثنائية متقابلة، فالليل يرمز في أحلامنا إلى السكينة والأمان ولكنه أيضا رمزا للغربة والوحشة أما النهار فهو رمز وضوح المستقبل لأن الرؤية فيه تكون واضحة.
الرحلة الليلية في المنام؛ قد تعبر عن غموض بعض الأجزاء من فصول حياتنا. وجهتنا فيها قد تكون معروفة، ولكننا غير واثقين تمام الوثوق من سلامة اختياراتنا وتوجهاتنا، شيء من الوجل أو الخوف يسيطر علينا ولكننا في النهاية نهوى المغامرة ونعشقها لأن الرحلة أيضا تدل على المغامرة والاستكشاف.
إذا كانت رحلة الليل تدل في المنام على عدم وضوح الطريق في الحياة، فإن رحلة النهار تدل على الطريق الواضح الذي يسلكه الرائي في سبيل بلوغ أهدافه. خياراته واضحة وكذلك منهجه وربما دل السفر نهارا على شفافية الرائي وتميزه بصفة الصراحة والصدق.
إن الظرف المكاني والزماني لهما مدلول خاص في الحلم لذلك يجب أن نتوقف عندهما مليا قبل خوض أي تفسير أو تحليل.

الشخصيات المصاحبة في حلم الرحلة

مثل الأحلام في تأويلها أو تعبيرها، كمثل القصص الصغيرة والروايات عند تحليلها. كلها تخضع لنفس الأسلوب والمنهج والبناء السردي، الشخصيات، الحوار، والإطارين المكاني والزماني.
فإذا كانت الرواية ظاهرها كتابة واعية، فإن الحقيقة عكس ذلك، إنما الروائي يحلم مستيقظا، يستخدم لغة الحلم في البناء والتركيب والسرد.
لذلك نحن في تفسير الأحلام نعزو إلى الشخصيات حيزا هاما، فهي المفاتيح التي من خلالها سوف نسبر أغوار النفس، فإذا ما عدنا إلى حلم الرحلة، ومشهد الحافلة بالتحديد، وتأملنا وجوه المسافرين، فنحن قد نقرأ في ملامحهم وأسمائهم وصفاتهم ما لا يمكننا قراءته في الرموز الأخرى.
إذا كان المسافرون من الوجوه المألوفة أو المعروفة، فإن رحلتنا سوف تصف تحولا نسبيا في حياتنا. تحول سوف نحافظ فيه على أشياء مهمة أما التغييرات فهي طفيفة وليست ذات بال.
قد يستوقفننا في حلم الرحلة أو السفر وجه بعينه، ملامح نعرفها ولكن الاسم غير معروف. شخصية من الماضي، شخصية من زمن الطفولة، نحن هنا إزاء عودة إلى نقطة معينة من الماضي ولكنها تشكل محفزا أو دافعا.
إن الشخص الذي رأيناه ولم نتعرف على اسمه هو ببساطة جزء من الماضي تداعت له الذاكرة، إما حنينا أو هروبا.
هذا الوجه المألوف قد يكون مؤشر طمأنة لنا إبان رحلتنا المستقبلية، أو تجربتنا المقبلة، شيء ما يشبه الماضي قد يتكرر، شخص ما يشبه صديق الطفولة قد يطفو على سطح الأحداث أو يغيرها.
أما إذا كان الوجه مألوفا وكذلك الاسم، فنحن إزاء شيء واضح. الاسم في هذا الحلم قد يدل على معنى. وعلى سبيل المثال إسم نجاح يدل على نجاح مقبل، واسم بشير يدل على مفاجأة سارة وهكذا…
أما الشخصيات المجهولة فقد كره ابن سيرين ظهورها على مسرح الحلم. خاصة في الرؤى المتعلقة بالأسفار. أما نحن وفي سياق تحليلنا المنهجي والبنيوي في تحليل الحلم، فلن نجانب كثيرا ما ذهب إليه ابن سيرين اعتقادا منا بأن المجهول من كل شيء هو تعبير عن هواجسنا طورا ومخاوفنا في طور آخر.
نحن في أعماق أنفسنا نكره المجهول ونستأنس المألوف فما بالك إذا تعلق الأمر بالأشخاص والوجوه.
رؤيتنا لوجوه غريبة في حلم الرحلة، يدل على حالة من الاغتراب النفسي، حالة من القلق العميق في نفوسنا.
دعونا في هذا الخضم نذكر بأننا في الأحلام نرى ذواتنا من خلال الشخوص والوجوه التي نراها في الحلم.
فوجه الشيخ في المنام يصور الأمان، أما وجه العجوز فهو دال على ضعف أو وهن، ووجه الشاب قوة وبأس، ووجه المرأة الجميلة يصور مدى تعلقنا بالدنيا.
غرابة الوجوه في حلم السفر تدل على التيه أو المتاهة. نحن إزاء مرحلة من الحياة لم ندرك فيها بعد ملامح المستقبل، نظرتنا يائسة بعض الشيء، ولكن الأمل قائم ما دامت الرحلة مستمرة وما دامت الحافلة تسير بأمان وما دمنا نجلس بوثوق وثبات.

تفسير حلم الرحلة بواسطة القطار في المنام

على الرغم من أن القطار غير مذكور تماما في المأثور والموثوق من كتب تفسير الأحلام على غرار كتاب تفسير الأحلام الكبير لابن سيرين، إلا أن القطار في المنام يعتبر رمزا مجردا قويا وصريحا.
إنه ببساطة شديدة؛ يدل على العمر؛ فنحن حين نعبر عن العمر نسميه قطار الحياة، وفي بعض من كلامنا الشعبي نقول؛ فلان فاته قطار الزواج، أو فلان فاته القطار، لتعبير مجازا وكناية عن تفويت الفرص أو إهدار الوقت.
لذلك يعتبر القطار من أهم الرموز في الأحلام، قد لا نراه كثيرا ولكن عند رؤيته قد نستشف معاني كثيرة أو غزيرة نعجز عن سردها في هذا المقال ولكني سوف أسعى إلى استخراج معانيه الرئيسية من خلال معرض حديثي عن الرحلة في الحلم.
ركوب القطار أثناء الرحلة في المنام يدل في المقام الأول على السلامة والأمان، كما يدل القطار أيضا على دقة الرائي وانضباطه في تسيير شؤونه. والقطار في التأويل يدل على سرعة الإنجاز وبلوغ الأهداف.
الرحلة على متن القطار تصور في المنام رحلة الحياة المستقرة والآمنة عموما. لأن القطار لا يعرف في طريقه المنعرجات ولا شيء يعيق سيره وهو يتمتع بأولوية مطلقة في كافة الأوضاع.
القطار في المنام يدل أيضا على الإقدام بعزم وثقة دون تململ ولا توقف خطه وسيره واضح وممنهج.

تفسير الرحلة بواسطة السيارة

إذا كانت وسائل النقل في المنام عموما تعبر عن أسلوبنا في نهج الحياة؛ فإن السيارة قد ترمز إلى الحياة ذاتها وتصف شخصيتنا لأن السيارة في اليقظة تدل على صاحبها.
فأنت عندما تجد سيارة رابضة قد تعرف أن صاحبها موجود هناك، والسيارة تعبر أيضا عن مكانة الشخص اجتماعيا إذ تدل الفارهة على الرفاهية والقديمة على العوز أو الحاجة في بعض الأحيان.
أما في حلم الرحلة فنحن غالبا ما نركب سيارة شخص آخر قد يكون الأب أو الأخ أو القريب ففي هذا السياق يعد صاحب السيارة في تلك الرحلة هو موضوع الحلم.
على سبيل المثال: إذا كانت الرائية فتاة عزباء وكانت تحب أو معجبة بشخص ما، فغالبا ما ترى في الحلم كأنها تسافر معه أو تركب حذوه في سيارته أو تشاركه المقعد الخلفي.
كل هذه المشاهد لها تعبير واحد وهو مدى تعلق الرائية بذلك الشخص وهي تتمنى الارتباط به، وفي هذه الحالة ترمز السيارة إلى الزواج أو الرغبة فيه، فإن كان سيرها مريحا آمنا في المنام فإن الأمنية قد تتحقق.
السيارة ترمز أيضا إلى الأسرة لأن التركيبة النمطية للأسرة هي أربع أو خمس أشخاص ويقابلها في السيارة أربع مقاعد وكرسي السائق يرمز للأب أو الزوج أي الشخص الذي يعيل الأسرة ويرعاها.
فإذا رأت المتزوجة على سبيل المثال كأنها في رحلة شيقة على متن سيارة فارهة يقودها زوجها، فإن الحلم يصور استقرارا أسريا شاملا.
فهي تحيا وتعيش في طمأنينة وراحة وسلام، خاصة إذا كانت القيادة سليمة متزنة، وكان الطريق واضحا وسالكا، وكانت الوجهة معروفة.
كل هذه العوامل إذا اجتمعت دلت في حلم الرحلة على خير في الحاضر والمستقبل.

الوصول إلى المكان المقصود في نهاية حلم الرحلة

في هذه المرحلة من الحلم (وهي مرحلة قد لا يراها الكثيرون لأن الرحلات في المنام غالبا ما تتوقف في بدايتها أو منتصفها).
نحن إزاء نقطة مهمة فارقة، نقطة الوصول تعبير في المنام عن بلوغ الغايات وتحقيق الأهداف، عندها ينزل الراكب وفيها يعيش أجواء مميزة.
فمنهم من يفترش الأرض ليأكل، ومنهم من يذهب في نزهة، ومنهم من يرتع ويلعب، وآخرون يقصدون الشاطئ، وآخرون يصعدون الجبل.
كل هذه المشاهد تصور صخب الحياة إيقاعها وأجوائها أفراحها ومسراتها وتصور أيضا اختلافنا مع الآخرين فالذي رأيناه في حلم الرحلة يلهو أو يلعب فهو في لهو أو عبث.
ومن رأيناه يقصد الجبال فهو يسعى بكد وجد، ومن رأيناه يستظل بظل شجرة هو ينعم في هذه الدنيا ومن رأيناه يقطف الزهور أو يجني الثمار ويأكل هو يغنم من هذه الدنيا خيراتها ومباهجها.
الفسحة في هذا الصدد، هي تفريغ لشحنة معنوية سلبية أو تفريغ للطاقة النفسية.
لاحظوا معي أيها الإخوة أن الأحلام تحفزها بعض رغباتنا المكبوتة وبعضها يحفزها الحرمان، فمن كان يعيش في توتر أو ضيق فإنه يرى هكذا أحلام وهو ما سمى بأحلام التعويض كأن يرى العطشان الماء والجوعان يرى الخبز وهكذا…
مشهد الوصول إلى غاية الرحلة أو وجهتها أو مقصدها إذا لم يكن يعبر عن حاجة الرائي إلى الترويح عن النفس فهو دال على بلوغ هدفه وتحقيقه غاية من غايات الحياة.
إن مشهد الرحلة يفسر في هذه المرحلة من خلال هيئة المكان وحالته. فكل مكان جميل في الطبيعة تكسوه الخضرة هو تعبير عن تجدد الأمل، وكل مكان مرتفع يعبر عن الرفعة والترقي، والشاطئ في مثل هذه الأحلام أمان، والبحر مستقبل مشرق ومبشر بكل خير لأن الخيرات منبعها البحر.
في الأثناء، علينا أن ننتبه جيدا عند تأويلنا لحلم الرحلة إلى مجريات الأحداث، فقد نفاجئ في مثل هذه الأحلام بتقلبات درامية قد تقلب المجن. كأن تهجم عاصفة على المكان أو تهب فيه ريح قوية تكاد تقتلع الأشجار أو فجأة يثور البحر فيغمر المكان بالماء وربما تحول الجبل إلى بركان.
مشاهد قد تقلب المسائل رأس على عقب، المشهد الرومنسي قد تحول إلى دراما. هذا يصور في الواقع صراعا نفسيا داخل الرائي بين رغباته من ناحية، وخوفه من ناحية أخرى، صراع تقوده رغبة في الحياة، رغبة في البقاء، وخوف من الموت خوف أزلي من العدم.
نحن حقيقة لا نستشعر مخاوفنا في اليقظة، لأن عقلنا يبددها ويشتتها. فلو ركزنا للحظة في فكرة الخوف لاستحال العيش، لأن الخوف يقتل الإرادة ويقتل الحياة نفسها لأنه يكبل العزائم ويشتت الأفكار ويبعثر الآمال.
تقلب الأجواء والأوضاع هو مجرد احتمال في حلم الرحلة. لأن هناك مشاهد أخرى قد يستنبطها العقل الباطن أشد غرابة وأقل قسوة.
ومثل ذلك كأن تتحول الرحلة في نهايتها إلى عرس أو حفل زفاف صاخب، أو ينتقل الرائي من مكان إلى آخر فينسى الرحلة وأطوارها ويدخل في مغامرة أخرى أو حلم آخر.
إذا تحول حلم الرحلة عن مساره أو تبدلت مشاهده فإن رحلتنا قد يتشكل معناها من خلال المشهد الأخير فقد يفصح حلم الرحلة عن معناه من خلال مكان الوصول ليعبر من خلاله عن غاية أو طموح لدينا فقد تكون الرحلة كلها تعبير عن شخص واحد نشتاق إليه إذا ما رأيناه يستقبلنا في نهاية الرحلة.
وقد تكون الرحلة معبرة عن تعلقنا بمكان ما إذا ما رأينا كأننا وصلنا إليه في نهاية الحلم وقد تعبر الرحلة عن هدف منشود قد ندركه في يوم ما، هدف قد تعلقنا به منذ زمن الطفولة الأولى الزمن الذي كنا نحلم فيه ونحن مستيقظون.

خاتمة 

الرحلة في المنام، إذا ما كنت ممتعة أو شيقة فهي تصور طموحنا وسعينا نحو التغيير والتجديد. هي في التأويل تطلعنا على ما قد يبدو لنا من خير في المستقبل.
الرحلة في المنام تصور آمالنا، رغبتنا نحو الانعتاق والتخلص من واقع قد يبدي مضني إلى حد ما.
نحن نحلم بالرحلة والسفر لأننا نرفض الواقع لأن طاقتنا النفسية تحفزنا إلى تغييره بشتى السبل.
الرحلة في المنام إرادة وعزيمة، مناشدة للذات نحو سلوك سبيل رحب وطريق آمن في الحياة وما الحياة نفسها سوى رحلة طويلة تستدعي الصبر والمكابدة والجد لكسر كل الحواجز وبلوغ شاطئ الأمان.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى