معركة مجدو 1468 ق.م بين الملك تحتمس الثالث وقائد الكنعانيين
هي واحدة من أشهر وأشرس الحروب في التاريخ دارت بين الجيش المصري تحت ترأس الملك تحتمس الثالث وحلف ضخم من المتمردين الكنعانيين تحت قيادة ملك قادش.
تعتبر معركة مجدو أول معركة تم تسجيلها في المدونات الموثوقة تاريخيا. وهي أيضا أول معركة يتم فيها استعمال القوس المركب، كما أنها أول حرب يتم فيها حصر عدد القتلى. واول معركة يتم استعمال التجسس فيها تحت تسمية “العلم السري” بالإشارة الي المخابرات.
أسباب معركة مجدو
استهلت الاحداث بنشوب ثورة من الحكام المحليين بالقرب من قادش في محيط سوريا الحديثة. مع محاولة الحيثيين تغيير الإقطاعيات في أرض العموريين، يُعتقد أن الكنعانيين تحالفوا مع الميتاني والعموريين من منطقة النهرين بين منابع نهري العاصي والأردن. كانت القيادة والمحرك الرئيسي وراء هذه الانتفاضات هو ملك قادش. وفرت قلعة قادش القوية عصمة له وللمدينة. انضم ملك مجدو صاحب الحصن القوي أيضا إلى الائتلاف.
معركة مجدو تحتمس الثالث
قام تحتمس الثالث بتجميع جيش من العربات والمشاة ليصل عدد الجيش من 10000 إلى 20000 مقاتل. مع حشد المصريين لقواتهم، قام ملك قادش بجمع قوات العشائر في سوريا وآرام وكنعان من حوله، لتصل قواته من 10000 إلى 15000 رجل، والذين دخلوا مجدو لتستقر القوات في مرفأ تاناخ.
أطوار معركة مجدو
كان هناك 3 طرق محتملة من يحيم إلى مجدو. يوفر كل من الطريق الشمالي عن طريق مدينتي زفتي ويوكنيام، والطريق الجنوبي عن طريق تناخ طريقا آمنا للوصول إلى وادي جزريل. الطريق الأوسط طريق أرونا كان مباشرا أكثر إلا أنه أكثر أهمية حيث أنه يتبع طريقا حرجا ولا يمكن للقوات سوى المشي في رتل واحد وقد يجازف المصريون بفقدان الجنود والعتاد.
دعا قادة الجيش تحتمس الثالث إلى أخذ أحد السبيلين الآمنين والنأي عن الطريق الأوسط، إلا أن تحتمس الثالث -وبالاعتماد على المعلومات الواردة من كتائب الاستطلاع-قرر أخذ الطريق الأوسط المباشر إلى مجدو حيث استخلص أنه إذا أوصاه قادة الجيش بأخذ الطريق البسيط فلابد من أن العدو سيعتبر أنهم سيأخذون هذا الطريق، ولذا فقد اعتزم فعل الغير مرتقب.
ترك ملك قادش عدد كبير من قوات المشاة لحماية الطريقين المرجحين وإغفال طريق أرونا وهو الطريق الجبلي الحرج القادم من الجنوب. اختار تحتمس الطريق الجبلي الضيق خلال وادي عارة متجاهلا خطورة انتشار جيوشه في المرتفعات حيث من السهل أن يكونوا هدف لفخ من العدو في المسالك الجبلية الوعرة حيث لن يتمكن من إغاثتهم. ليقلل الخطورة، ترأس تحتمس القوات بنفسه خلال أرونا.
في وجود حراسة خفيفة للمدينة، قاد تحتمس هجوما خاطفا ممزقا المتمردين حيث دخل الوادي دون محاربة. الآن أصبح الطريق منبسطا أمام الجيش المصري إلى مجدو، مع وجود أعداد كبيرة من العسكر المتمرد بعيدا نحو الشمال أو نحو الجنوب.
انتهز تحتمس الفرصة حيث أقام المخيم في نهاية اليوم، ولكن أثناء الليل حشد قواته قريبا من العدو ليهاجم في صباح اليوم التالي. ليس من البين ما إذا استطاع ملك قادش المبهوت التحضير للمعركة. وحتى إذا كان تهيأ، فلن يفيده ذلك كثيرا الآن. على الرغم من أن قواته كانت على أرض شاهقة قريبة من القلعة، إلا أن القوات المصرية كانت مرتبة في تشكيل أجوف مكون من ثلاثة أجنحة والتي هددت كلا من جانبي المتمردين. قاد الفرعون الغارة من الوسط. المزيج من الموقع والعدد، وقدرات المناورة للجناح الأيسر، بالإضافة إلى هجوم مبكر قوي أضعف همة الخصم لتنهار طاقاته سريعا. فرت القوات القريبة من المدينة داخلها وأقفلوا البوابات خلفهم.
بدأ الجنود المصريون سلب معسكر العدو. خلال ذلك استولوا على 924 عربة و200 درع. لسوء حظ المصريين، فقد تمكنت القوات الكنعانية المشتتة بالإضافة إلى ملوك قادش ومجدو الالتحاق بالمدافعين داخل المدينة، حيث قام المدافعون داخل المدينة بمد الألبسة المربوطة ببعضها من فوق الأسوار للمجندين ليتسلقوا الأسوار ويدخلوا المدينة مما أضاع فرصة الاستحواذ السريع على المدينة من أيدي المصريين.
تم تطويق المدينة لمدة 7 أشهر ليهرب ملك قادش بعدها. حيث قام تحتمس بحفر خندق وسياج خشبي مما اضطر أعداءه إلى الانصياع.
نتائج معركة مجدو
في الكرنك تم تسجيل أن الجيش المنتصر أعاد إلى الديار 340 أسيرا و2041 فرسا و6 فحول و924 عربة و200 درع و502 قوس و1929 من الماشية و22500 من الأغنام، بالإضافة إلى الدرع الملكي وسرادق ملك مجدو، وتم الاحتفاظ بالمدينة وسكانها. تم اجتياح عدد من المدن في وادي جيزريل وأعديت الهيمنة المصرية عليها.
مع إعادة تثبيت السيادة المصرية في الشام، بدأ تحتمس الثالث عهده الذي وصلت فيه الإمبراطورية المصرية إلى أقصى مدى لها…