فتح مصر في 16 أبريل / نيسان 641
فتح مصر وسقوط حصن بابليون في يد عمرو بن العاص بعد حصار دام نحو سبعة أشهر
في محتوى هذا المقال
الفَتْحُ الإسْلَامِيُّ لِمِصْر أو الغَزْوُ الإسْلَامِيُّ لِمِصْر، وفي بعض المصادر ذات الصبغة القوميَّة خُصُوصًا يُعرفُ هذا الحدث باسم الفَتْحُ العَرَبِيُّ لِمِصْر، هو سِلسلةٌ من الهجومات والموقعات العسكريَّة التي خاضها المُسلمون تحت لواء دولة الخِلافة الراشدة ضدَّ الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وانتُزعت على إثرها ولاية مصر الروميَّة من يد الروم ودخلت في دولة الإسلام، بعد عِقدٍ من رجوعها لِلإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، إذ كان الفُرس الساسانيّون قد انتزعوها من الأخيرة لحقبة وجيزة.
فتحُ مصر امتدادًا لِفتح الشَّام
مثل فتحُ مصر امتدادًا لِفتح الشَّام، وقد وقع بعد إنقاذ فلسطين من بطش الروم، وقد عرضه الصحابيّ عمرو بن العاص على الخليفة عُمر بن الخطَّاب بغرض تأمين الفُتوحات وحماية ظهر المُسلمين من حملات الروم الذين تقهقروا إلى مصر ورابطوا فيها.
ولكنَّ عُمر كان يخشى على الجُيوش الإسلاميَّة من الدخول لِأفريقيا وصورها بأنَّها مفككة، فامتنع في البدء، لكنَّهُ ما لبث أن قبل، وبعث لِعمرو بن العاص الإمدادات، فتوجَّه الأخير بعسكره اتجاه مصر عبر المسلك الذي انتهجه قبله قمبيز والإسكندر، مُجتازًا سيناء عابرا العريش والفرما.
سقوط حصن بابليون
ثُمَّ قصد بلبيس فحصن بابليون الذي كان أعتى حُصون مصر الروميَّة، وما أن سقط حتَّى تقوضت باقي الحُصون في الدلتا والصعيد أمام الجُيوش الإسلاميَّة. وقد تمَّ لعمرو بن العاص الاستحواذ على مصر بسقوط الإسكندريَّة في يده سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م.
وعقد مع الروم اتفاقية تراجعوا على إثرها من البلاد وانتهى العهد البيزنطي في مصر، وإلى حدٍ أبعد العهد الروماني، وبدأ العهد الإسلامي بِعصر الوُلاة؛ وكان عمرو بن العاص أوَّل الولاة المُسلمين.
المصريون وخيروا السيادة الإسلاميَّة كونها تضمن لهم استقلالية الديانة
تختلف الروايات الإسلاميَّة والقبطيَّة في قص أحداث الفتح، لكنَّها تتفق على أنَّ الروم استبدوا بالمصريين أثناء حُكمهم وجعلوا مصر ضيعة للإمبراطور البيزنطي ومن قبله الروماني، وعُرفت بمخزن محاصيل روما.
وكان تباين عقيدة المصريين عن عقيدة الروم دافعا في قمعهم من قِبَل الإمبراطوريَّة، فقد اتخذ البيزنطيّون المذهب الخلقدوني الذي يشترط اتحاد الطبيعتين، الإلهيَّة والبشريَّة، في شخص المسيح، اتحادًا غير قابل للانفصام، دينا رسميًّا للإمبراطوريَّة دون غيره، بينما كان المصريّون يأخذون بالمذهب اللاخلقدوني المونوفيزيتي (اليعقوبي)، وقد حاول الروم فرض معتقدهم على جميع الرعايا، فنفر منهم المسيحيّين اليعاقبة، وخيروا السيادة الإسلاميَّة كونها تضمن لهم استقلالية الديانة.
الأغلبية العُظمى من المصريين يعتنقون الإسلام
اعتنقت الأغلبية العُظمى من المصريين الإسلام بعد اكتمال الفتح، وبقي قطاع منهم على المسيحيَّة، وتوالى هؤلاء يُعرفون بالقِبط أو الأقباط، ومع مُرور الوقت استعرب المصريّون وأصبح اللسان العربي لُغتهم الأُم، واقتصرت اللُغة القبطيَّة على الشعائر والترانيم الكنسيَّة. وقد قُدِّر لِمصر أن تحتلَّ محورا بارزًا وطلائعيا في ظل العُهود الإسلاميَّة اللاحقة، فأصبحت محورا حيويا من محاور الإسلام في العالم، كما تصدرت حركة القوميَّة العربيَّة في أواسط القرن العشرين الميلاديّ.