
حبيب بورقيبة: زعيم تونس بين النضال والعبقرية والأخطاء
في محتوى هذا المقال
في تاريخ تونس المعاصر، يبرز حبيب بورقيبة كرمز للتحرر والتحديث، لكنه أيضاً شخصية مثيرة للجدل. وُلد في 3 أغسطس 1903 بالمنستير وتوفي في 6 أبريل 2000، قاد بورقيبة تونس نحو الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، وبنى دولة حديثة بعبقرية سياسية، لكنه ارتكب أخطاء فادحة أثرت على إرثه. في هذا المقال الصحفي الحصري، نستعرض مسيرته النضالية، إسهاماته في بناء الدولة، عبقريته، وأخطاؤه.
المسيرة النضالية: من المنفى إلى الاستقلال
بدأ بورقيبة نضاله ضد الاستعمار الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي. بعد دراسته القانون في باريس، عاد إلى تونس عام 1927 وانضم إلى حزب الدستور، ثم أسس حزب الدستور الجديد في 1934. اعتمد استراتيجية تجمع بين المفاوضات والمقاومة، مما أدى إلى اعتقاله ونفيه عدة مرات. في 1952، قاد عصياناً مدنياً، ونجح في قيادة تونس للاستقلال الداخلي في 1955، ثم الكامل في 20 مارس 1956. أصبح رئيساً للجمهورية في 1957، ليُعرف بـ”المجاهد الأكبر”.
بناء الدولة: إصلاحات رائدة
بعد الاستقلال، بنى بورقيبة دولة حديثة بعقلية علمانية. أصدر مدونة الأحوال الشخصية في 1956، التي منحت المرأة حقوقاً غير مسبوقة في العالم العربي، كمنع تعدد الزوجات. أصلح التعليم والصحة، وجعلهما إلزاميين ومجانيين. اقتصادياً، جرب الاشتراكية في الستينيات ثم تحول إلى الليبرالية في السبعينيات. لكن اعتماده على حزب واحد عزز الاستقرار ومهد للاستبداد.
العبقرية السياسية: رؤية استثنائية
تميز بورقيبة برؤية سياسية ودبلوماسية فريدة. دعا إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية وتجنب الصراعات، وحافظ على علاقات متوازنة مع الغرب والشرق. ركز على التعليم، معتبراً إياه أساس التقدم. قدرته على تحديث تونس مع الحفاظ على هويتها جعلته رمزاً للاستقرار.
الأخطاء الفادحة: من الديكتاتورية إلى الأزمات
تحول نظامه إلى ديكتاتورية، خاصة بعد إعلانه رئيساً مدى الحياة في 1975، وقمعه للمعارضة. فشلت تجاربه الاقتصادية الاشتراكية، مما تسبب في أزمات وثورات شعبية في 1978 و1984. كما سمح بالفساد بين المقربين. تدهورت صحته في الثمانينيات، مما أدى إلى إزاحته في 1987.
خاتمة: إرث معقد
حبيب بورقيبة محرر ومؤسس تونس الحديثة، لكنه أيضاً زعيم تحول إلى ديكتاتور. إصلاحاته غيرت المجتمع، لكن أخطاؤه تركت ندوباً. إرثه درس للأجيال عن التوازن بين السلطة والحرية.







