إنشاء عصبة الأمم وفق اتفاقية وقعها الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى في 18 أبريل 1919
في محتوى هذا المقال
عصبة الأمم هي إحدى المنظمات الدولية السابقة التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919، الذي أنهى الحرب العالمية الأولى التي هدمت أنحاء كثيرة من العالم وأوروبا خاصة.
كانت هذه المنظمة سلفًا للأمم المتحدة، وهي أوّل منظمة أمن دولية هدفت إلى الحفاظ على السلام العالمي. وصل عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من 28 سبتمبر سنة 1934 إلى 23 فبراير سنة 1935.
أهداف عصبة الأمم
كانت أهداف العصبة الأساسية تتمثل في منع اندلاع الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها.
من الأهداف الأخرى التي كانت عصبة الأمم قد وضعتها نصب أعينها: تحسين وضعيات العمل بالنسبة للأجراء، معاملة سكّان الدول المنتدبة والمستعمرة بالمساواة مع السكّان والموظفين الحكوميين التابعين للدول المنتدبة، محاربة الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة، والاهتمام بالصحة العالمية وسجناء الحرب، وصون الأقليّات العرقية في أوروبا.
العصبة تفتقد لقوة مسلحة خاصة بها
مثّلت فلسفة الدبلوماسية التي أتت بها عصبة الأمم نقلة نوعيّة في الفكر السياسي الذي كان سائدًا في أوروبا والعالم طيلة السنوات المائة السابقة على إنشائها، وكانت العصبة تفتقد لقوة مسلحة خاصة بها قادرة على إحلال الاستقرار العالمي الذي تدعو إليه، لذا كانت تعتمد على القوة العسكرية للدول العظمى لفرض قراراتها والعقوبات الاقتصادية على الدول المخالفة لقرار ما، أو لتكوين جيش تستخدمه عند الحاجة، غير أنها لم تلجأ لهذا أغلب الأحيان لأسباب مختلفة، منها أن أعضاء العصبة كان أغلبهم من الدول العظمى التي تتعارض مصالحها مع ما تقرّه الأخيرة من قرارات، فكانوا يرفضون التصديق عليها أو الخضوع لها والتجاوب معها، وغالبًا ما قام بعضهم بتحدي قراراتها عنوة وأظهر احتقارًا لها ولمن أصدرها، فعلى سبيل المثال، اتهمت العصبة جنودًا إيطاليين باستهداف وحدات من الصليب الأحمر أثناء الحرب الإيطالية الحبشية الثانية، فجاء رد رئيس الحكومة الإيطالية بينيتو موسوليني يقول: «إن العصبة لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم، أما عندما ترى العقبان تسقط صريعةً، فلا تحرّك ساكنًا».
عجز العصبة عن حل المشكلات الدولية
أثبتت العصبة عجزها عن حل المشكلات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء، عندما أخذت دول معسكر المحور تستهزئ بقراراتها ولا تأخذها بعين الاعتبار، وتستخدم العنف تجاه جيرانها من الدول والأقليات العرقية قاطنة أراضيها، خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين.
فعلى سبيل المثال، رفع أحد اليهود، واسمه فرانز برينهايم، شكوى إلى العصبة يتحدث فيها عن معاملة الإدارة الألمانية العنصرية له ولأبناء دينه وشعبه في سيليزيا العليا، فما كان من الألمان إلا أن أرجأوا تنفيذ القرارات المعادية لليهود وغير الآريين حتى سنة 1937، عندما انتهت المدة التي تسمح بإشراف خبراء العصبة على وضع الأقليات في ألمانيا، فجددوا القوانين التي تنص على ملاحقة غير الآريين، ورفضوا تجديد إقامة الخبراء في البلاد.
حل عصبة الأمم لتخلفها هيئة الأمم المتحدة
كانت ذريعة ألمانيا وغيرها من دول المحور للانسحاب من العصبة، أن بعض الفقرات الواردة في ميثاق الأخيرة تخرق سيادتها، وكان اندلاع الحرب العالمية الثانية بمثابة الإشارة القاطعة على فشل العصبة في مأموريتها الرئيسية، ألا وهي منع وقوع الحروب الهادمة، وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى حُلَّت العصبة، وخلفتها صيغة جديدة هي هيئة الأمم المتحدة، التي ورثت عددًا من منظمات ووكالات العصبة.