لمحة تاريخية موجزة ومفصلة عن تأسيس مدينة الإسكندرية
وصل الإسكندر الأكبر الي مصر في النصف الثاني من القرن الرابع ق.م ففي عام ٣٣٢ق.م توقف هذا القائد المقدوني عند قرية صيد مصرية علي ساحل البحر المتوسط هي قرية راكودة (راكوتيس) واسمها قديما رع -كدت، وكان في طريقه إلى واحة (سيوة) لزيارة معبد آمون هناك، وعندها أطل على جزيرة صغيرة داخل البحر في مواجهة هذه القرية تسمي جزيرة فاروس ” وهي جزيرة قد ذكرها الشاعر اليوناني القديم هوميروس في إحدي قصائده ” وقد كان لهذه الجزيرة مرفأ تلجأ إليه السفن هو الآن ميناء الإسكندرية التجاري.
وكان الإسكندر في ذهنه توجيهات سيده ومعلمه أرسطو عن إقامة المدن العظيمة ، وبرزت في هذا الوقت الفكرة في بناء مدينة علي ساحل البحر تحمل اسمه ، فأمر مهندسيه بتخطيط المدينة لتحمل مواصفات مدينة نموذجية من حيث الموقع واتجاه الرياح الشرقية الصحية والرياح الشمالية الملطفة للحرارة ، كذلك توزيع السكان والمباني والشوارع ، ووجود مصدر طبيعي يمدها بالمياه العذبة . ورسمت المدينة علي أن تكون متوازية في اتصالها مع الأراضي الداخلية بين البحر والبحيرة الواقعة جنوب قرية راكودة ( وهي بحيرة مريوط المتصلة بمياه النيل العذبة ) ووجود جزيرة فاروس أمامها بميناءها الطبيعي الذي يؤوي السفن.
شيدت الإسكندرية علي تربة من الحجر الجيري فوق مستوي الدلتا ففي عام ٣٣١ ق.م وفي ٢٠ يناير حدد المهندسون المعماريون محيط المدينة ليشمل قرية راكوتيس وجزيرة فاروس. وأشرف علي بناء المدينة وزير مالية الإسكندر الأكبر في مصر وأشرف علي نقل التجار وبعض الأثرياء من مدينة كانوب المجاورة (أبو قير حاليا)، ومدينة نقراطيس القريبة (محافظة البحيرة حاليا) الي المدينة الحديثة الإسكندرية.
أكتمل بناء الإسكندرية علي مدى ثمانين عاما حتي عهد بطليموس الثاني .وكان الميناء الشرقي هو الأكثر أهمية وهو الذي يستقبل السفن الملكية في ميناءه الملكي الواقع تحت القصور الملكية .
كما يستقبل الميناء السفن التجارية في المرافئ الأخرى ، أما الميناء الغربي فقد كان أقل شأن وأقل استخداما في ذلك الوقت ، وكان يقع الحي الوطني قديما الي الجنوب والجنوب الغربي (وهو ميناء البصل وحي كرموز او كوم الشقافة الآن ) يسكنه المصريون.
أما أكبر الأحياء وأهمها فهو الحي الملكي الذي كان يضم القصور الملكية (في حدود محطة الرمل والشاطبي والأزاريطة ) كما يتضمن المكتبة والمتحف والمسرح وأيضا المدافن الملكية ، وكان هناك حي الدلتا الذي كان يقطنه اليهود ،أيضا كان الستاديوم حيث يقام سباق الأفراد ، والهيبودروم يقوم فيه سباق العربات .
خططت المدينة بشوارع طولية موازية للبحر وأخري عرضية عمودية عليها وعلي البحر، تماثل تخطيط الإسكندرية برقعة الشطرنج أي شوارع عمودية بعضها على بعض وكان أهم الشوارع الطولية هو ما سمي بشارع كانوب وأيضا شارع رشيد (شارع فؤاد والسلطان حسين الان)، وأهم الشوارع العريضة أو العمودية علي البحر حسب المعتقدات بين شارعي النبي دانيال وقناة السويس اللذان يمتدان الي الجنوب حتى بحيرة مريوط.
وتم بناء سور حول المدينة (بقايا هذا السور في حديقة الشلالات ) وكان يقع خارج مدينتان للموتى ، أنشأت أيضا ضاحية اليوسيس (ضاحية النزهة حاليا ) ، ومدت الترع من الفرع الكانوبي فكانت ترعة شيديا لتزويد المدينة بالمياه العذبة ، وكذلك توصيل هذه المياه الي خزانات مازال باقيا إحداها في حدائق الشلالات في شارع الشهيد صلاح مصطفي (السلطان حسين ). والآخر أسفل مسجد النبي دانيال؛ وهناك ميناء هام لكنه في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة وعلي بحيرة مريوط إنه الميناء النهري الذي تنقل إليه البضائع من داخل مصر للخارج ومن خارج مصر إليها. وقد كان ميناءً غنيا نظرا للحركة التجارية الكبيرة فيه وموقعه الآن في منطقة سيدي كرير (ميناء ماريا) .