كيف تجعل طفلك سعيدا

نصائح موجهة للأم و الأب لجعل الطفل سعيدا

الطفولة هي مرح الحياة و بهجتها، و هي ابتسامة هذا الوجود. يجب حينئذ إعطاءها ما تستحق من الرعاية و العناية حتى ينشأ مجتمعنا سليما خاليا من العيوب و الأمراض و نحو ذلك…

مدخل عام

إن المجتمعات ترقى برجالها و نسائها، و طفلك اليوم هو رجل المستقبل، وهو الذي ستلقى على كاهله مسؤولية بناء الوطن . إذا ما تلقى التربية والنشأة السعيدة فإن ذلك سينعكس إيجابا على المجتمع كله. و كلما تلقى تربية سيئة انعكس ذلك على المجتمع أيضا.

سعادة الطفل محور حديثنا في هذا المقال، ليست كما يتصورها البعض، إنها منظومة شاملة تكتمل باكتمال كل شيء يحتاجه طفلك. السعادة هي التوازن الصحي و البدني و العقلي و النفسي . السعادة هي المحيط الأسري الدافئ حتى و إن كان بسيطا .

ليست سعادة أطفالنا في الطعام و الشراب و اللباس و الألعاب و الهدايا فقط بل السعادة شعور طفلك بالأمان و الاستقرار ، شعوره بالحب و الرعاية.

في هذا المقال سوف نتعرف على المزيد من الأسباب و العوالم التي تجعل طفلك سعيدا يعيش في عالم سعيد .

التعريف العام لمعنى السعادة

السعادة هي شعور أو جملة من المشاعر المتداخلة تجعل الإنسان متناغما مع ذاته  متصالح مع مجتمعه و هويته راضي تمام الرضا متوازن واثق. و السعادة ليست الرفاهية و لا هي متصلة بالثراء بل هي شعور دائم بالكفاية ، الكفاية من كل شيء .

السعادة تكمن في الجسم السليم الخال من الأمراض و الأسقام . السعادة تكمن في العقل المستنير الخال من الظنون و الأفكار السلبية . السعادة هي تحصيل شامل للقيم المطلقة وهي ( الخير و الحق و الجمال) هي مبحث كل كائن في هذا الوجود فالعصافير في أعشاشها سعيدة و الأشجار الخضراء و الزهر و النبات سعيد إذا لم تمسسه الأيادي العبثية. و الإنسان يكون سعيدا عندما يرى السعادة في الشجر و الطير و عيون الأطفال.

كيف يصبح الطفل سعيدا

حتى يكون طفلك سعيدا يجب أن تتوفر الرغبة لديك في جعله كذلك. و المسألة تبدأ منذ البدايات الأولى أي منذ أن كان طفلك رضيعا .

يجب عليك أن تعتني بطفلك بنفسك، و لا تجعلي هذه المهمة على كاهل طرف آخر. طفلك يجب أن يشعر بحبك و حنانك طيلة اليوم. إن أي تغيير يستشعره الرضيع يجعله متوتر أو متوجس، وذلك الشعور بعدم الراحة و الأمان قد يؤثر على شخصيته في المستقبل.

طفلك قد يشعر باغتراب مرير و ألم نفسي حاد، إذا أوكلت تربيته إلى شخص آخر مهما كان قريبا لأنه لن يمنحه جرعة الحب الكافية.

حليب الأم هو مصدر السعادة الأولى، و فترة الرضاعة هي أهم فترة بالنسبة للأطفال من خلالها يستشعرون الأمان. و الأمان هو عنصر هام من عناصر سعادة الطفل أو هو حجر الزاوية و ركن من أركان البيت.

اجعل طفلك يستشعر الأمان في البيت

إذا كان البيت آمنا و الأسرة مستقرة فطفلك بالضرورة سعيد . الطفل على الرغم من  ولعه بالحركة و النشاط، إلا أن الأمان هو مبحثه الأول و الأخير، فلا تنسي أنه لا يزال يحبو أو يخطو خطواته الأولى في عالم لا يزال بالنسبة إليه مكتظا بالمجهول.

يجب على الأبوين تجنب الخلافات و الشجار و العنف. كل تلك العوامل قد تجعل طفلك ينشأ في جو من الرعب و الخوف. وهذا قد يقلص حجم و مدى شعوره بالسعادة، و بالتالي قد يؤثر على شخصيته في المستقبل فقد ترتبك شخصيته و يتقلص إدراكه و ذكاؤه و تحصيله المدرسي لاحقا.

تجنب الصياح و العراك في البيت

كل بيت أو أسرة مليئة بالمشاحنات و العراك و ما يتبعه من صياح و عنف يترك أثرا سلبيا في نفسية الطفل .

البيت الهادئ فقط يجعل طفلك سعيدا. فلا تتردد في توفير أجواء الهدوء لطفلك منذ ساعات الصباح الأولى و منذ استيقاظه.

التواصل عنصر مهم في جعل طفلك سعيدا

إذا كان التواصل في حياة  الكبار مسألة لا تستقيم بدونها الحياة، فهو في حياة الأطفال كذلك . امنحي طفلك  مجالا للتعبير من خلال التحدث معه و مداعبته من حين آخر. لك أن تتخيلي مدى سعادة طفلك  و أنت تلاطفيه أو تداعبيه أو تلامسيه بحنان. طفلك يحتاج إلى التواصل و التكلم و التعبير كما يحتاج إلى الغذاء و الماء.  لا تهملي جانب التواصل في تعاملك مع الطفل و هذه النصيحة موجهة إلى الأم و الأب على حد سواء.

التواصل يجب أن يكون من الطرفيين الأم و الأب، أما إذا كان التواصل مقتصرا على واحد منهما فقط دون الآخر فذلك من شأنه أن يؤثر على سلوك الطفل  في المستقبل.

تحدث مع طفلك ، شاركه اللعب امنح لطفلك الوقت الكافي و لا تجعل مشاكل الحياة تأخذك و تنساه.

التواصل مع الطفل يحسن لديه ملكة التعبير، و يثري لديه قدرات مثل الخيال و ينمي لديه الذكاء. لأن الذكاء يتطور من خلال اللغة، كلما كان تواصلك مع طفلك جيدا إلا و زاد من جرعة السعادة التي يجب أن تتوفر لديه لبناء شخصية سليمة.

التواصل مع الطفل ليس من خلال الكلام فقط، بل من خلال الابتسامة الرقيقة و النظرة الدافئة الحنونة لا تجعل طفلك يشعر بالوحدة أبدا .

وفر لطفلك كل الأساسيات حتى يكون سعيدا 

مهما كان ظرفك الاقتصادي أو المالي، لطفلك الأولوية في الحصول على متطلباته من كساء  و غذاء و لعب. لأن الطفل الذي يستشعر الحرمان يغادر طفولته مبكرا، و بالتالي سعادته.

 لذلك أنصح كل مقبل على الإنجاب أن يسعى في البداية إلى توفير كل شيء إلى طفله. بل أذهب في ذلك إلى ما هو أبعد، يجب تخصيص ميزانية لكل طفل. و في نفس الإطار أذكر المقبلين و المقبلات على الزواج أن لا يكثروا من الإنجاب حتى يتمكنوا من رعاية أطفالهم على أكمل وجه .

اللعب حاجة أساسية لكل طفل

لن يكون الطفل سعيدا إذا ما افتقد حاجته للعب . الطفل يحتاج للعب كما يحتاج للنوم و الغذاء. فإذا قلت ساعات اللعب أصبح طفلك خمولا كسولا بطيء الحس و الإدراك.

اللعب بالنسبة للأطفال، كما العمل بالنسبة للكبار. كلما كان طفلك يمرح و يلعب كلما زاد إقباله على الحياة. لأن اللعب يصنع الفرحة و السعادة و يغذي النفس و الجسم و العقل في آن واحد.

اللعب يجب أن يكون متوازنا فيه حركة لتنشيط الجسم و بنائه و فيه أيضا معنى و مغزى  لبناء العقل.

أترك طفلك يركض و يقفز و يلهو فتلك طاقة يجب تفريغها حتى لا ينزع طفلك إلى العنف و الحدة في سلوكه و تصرفاته.

الفضاء المفتوح هو أنسب مكان للعب الأطفال و كذلك المساحات الخضراء و الحدائق و الجنان و المروج .

اشتري لطفلك ما يناسبه و يناسب ميزانيتك من ألعاب ، دراجة ، كرة ، ألعاب فكرية ، أدوات رسم ، آلات موسيقية موجهة للطفل .

الأطفال يحبون الألوان ، احرص على أن تكون مقتنيات طفلك و لعبه ملونة غير داكنة و آمنة .

الهدية تسعد الطفل و تجعله فرحا

نعم الأطفال يحبون الهدايا ، لأنهم يعشقون المفاجأة . حاول بقدر المستطاع عن تفاجئ طفلك بهدية أي كان نوعها فهي بالنسبة له فرحة . حاول أن تعرف أمنية طفلك و أسعى إلى شرائها في المستقبل و لتكن هدية بمناسبة  عيد ميلاده أو نجاحه و تفوقه و لتكن الهدية قيمة نسبيا.

الفسح والرحلات و الترفيه سبب سعادة الطفل

مثلما يسعد الكبار بالسفر، فإن الأطفال يعشقون الخروج من البيت و التوجه إلى أماكن جديدة خاصة : ملاهي الأطفال و السرك و كذلك الشواطئ و حمامات السباحة و حدائق الحيوانات و مدينة الألعاب …

الأطفال دون سن الثانية عشر يكرهون التسوق و التبضع فما نعتقده نحن متعة بالنسبة لهم ملل. لأن الطفل يبحث في تلك السن عن المغامرة و الانطلاق فلا ترهق طفلك بالذهاب للأسواق و الفظاءات التجارية لأنه سوف يملها بعد حين. عدى أن تكون تلك الأماكن مخصصة للأطفال فلا ضير من الذهاب إليها.

الأطفال أيضا يكرهون الذهاب إلى الزيارات، باستثناء زيارة البيوت التي فيها أطفال و يكرهون زيارات المستشفيات و كل الأماكن التي توحي بالملل لذلك لا تصطحب طفلك إلى زيارة إلا إذا كان سعيدا بها.

طفلك يحب الجولان و المرح  في الأماكن المفتوحة، لذلك أنصح الأبوين بتخصيص عطلة أو إجازة نهاية الأسبوع إلى  المتعة و الترفيه خارج البيت قد تكون  الوجهة مطعم أو  مسرح أو مدينة ألعاب. المهم أن لا تكون الجولة مكلفة بل تتناسب مع ميزانية العائلة.

الملابس الجديدة تبعث السعادة في نفس طفلك

خلافا لما يعتقده البعض، فإن الأطفال يفرحون بالملابس الجديدة، و يسعدون بها أيما سعادة. لأنها تشعرهم  بالتجديد، و تمنحهم الثقة بالذات. لذلك أنصح الأبوين بأن لا يقتصروا على الأعياد فقد لإسعاد طفلهم بكساء جديد. بل يجب أن تكون هذه عادة دورية تتوافق  مع القدرة الشرائية.

الطفل يعشق النظافة و الاستحمام بانتظام

بعض الأطفال يكرهون الاستحمام اعتقاد منهم بأنه واجب يجب تنفيذه على مضض و إكراه. لكن عندما يتحول الاستحمام إلى  فسحة لعب أو مرح، فإن المسائل تتغير تماما فيصبح الطفل شغوفا بذلك و حريصا عليه  و بالتالي  يصبح مولعا بالنظافة.

لا تعاقبي طفلك أبدا بأخذه إلى الحمام بل يجب أن تجازيه به حتى تصبح سعادته متصلة بشعوره بالنظافة و ليس العكس.

سعادة طفلك في غرفته الخاصة

نعم الطفل يحب فضاءه الخاص، و يريد لنفسه غرفة مستقلة فيها كل مقتنياته .  لعبه ملابسه و كتبه و أدواته. لذلك أنصح الأبوين الباحثين عن سعادة طفلهما بتخصيص غرفة مستقلة ذات ألوان و مفروشات بهيجة نافذة تستقبل ضوء الشمس و كذلك تهوية كافية ليشعر الطفل بالراحة و السعادة .

الطفل يكره الغرفة  الضيقة و يملها بسرعة. و يكره الطفل الألوان القاتمة و يحب الصور و المعلقات أو المجسمات الجميلة . العناية بديكور غرفة الطفل تجعله سعيدا للغاية.

العناية بغذاء طفلك تجعله سعيدا

من أصعب  المسائل تعقيدا بالنسبة للأبوين مسألة طعام الأطفال،  فبعضهم يكره تناول فطور الصباح، و أطفال يكرهون شرب الحليب، و آخرون يتهافتون على السكريات و المشروبات المرطبة و الآيس كريم،  و بعض الأطفال تتملكهم شراهة غريبة و آخرون لا يشعرون بالجوع  أبدا و بين هذا و ذلك تبدأ حيرة الآباء.

حتى يكون طفلك سعيدا ، يجب أن يتمتع بصحة جيدة و حتى تكون صحته جيدة يجب على غذائه أن يكون سليما خاليا من الدهون و الشحوم غنيا بالمعادن و الألياف و الفيتامينات.

وجبة الصباح يجب أن تكون متكاملة ، كأس حليب و بيضة و بعض الخبز  محلى بالعسل، و قليل من الفاكهة حبة تفاح  مثلا و بعض العصير و الماء. و يمكن في هذا السياق استشارة طبيب العائلة لمنحك قائمة أو لائحة الطعام المطلوب توفيرها للطفل في كل وجبة.

خطأ كبير يرتكبه الآباء و الأمهات عندما يخصصون مكانا مستقلا للطعام بعيدا عن العائلة. طفلك يجب أن يتناول فطوره أو غداءه على نفس الطاولة، لأن الجلوس على  مائدة الطعام إلى جانب الأهل، يجعل طفلك محبا للطعام غير زاهد فيه. شريطة  أن يكون الطعام متوازنا و صحيا.

إذا توفرت جل العناصر الغذائية في طعام طفلك مثل الحديد و الكلسيوم و  الفسفور فإن نموه يكون طبيعيا و بالتالي يكون سعيدا.

النوم و تأثيره على مزاج طفلك 

يجب على طفلك أن يتفادى السهر و يجب أن يخلد إلى النوم قبل الساعة التاسعة كما يجب أن تعودي طفلك على النوم عشر ساعات كاملة ليكتمل نموه و تتجدد خلاياه و يكتسب مناعة .

النوم القليل من شأنه أن يعكر مزاج الطفل و يجعله يشعر بالتوتر أو القلق الدائم لذلك حاولي أن تجعلي طفلك  مواظبا على ساعات نومه و يذهب إلى الفراش في موعده.

لتجعلي طفلك سعيدا احكي له قصة قبل النوم 

لا بأس من مرافقة طفلك إلى سريره و تروي له قصة قصيرة  مشوقة تناسب سنه. لا تكون مخيفة  و لا مروعة بل مغامرة فيها نصح و معنى و فائدة. عندما ينام طفلك سعيدا يستيقظ نشيطا، فلا تغفلي ذلك لأنه ضروري في تنمية ملكة الخيال و الذكاء  و الإبداع.

الطفل السعيد يجد سعادته في ممارسة هوايته       

هل تبحث عن سعادة طفلك؟ فتش في داخله عن موهبة لعله محب للرسم أو الموسيقى، لعله شغوف بالمسرح، لعله يحب الرياضة، إذا كان لطفلك موهبة يجب عليك أن تعتني بها. لأنك إذا تجاهلت موهبته فإنك أهملت جانبا كبيرا من سعادته فقد يتولد لديه الكبت و العجز عن التواصل و التعبير.

لا  ترهق طفلك بالواجبات المدرسية

من أهم عوامل تأخر مجتمعاتنا العربية هو الانقطاع المبكر عن التعليم و الأولياء غالبا ما تكون مسؤوليتهم كبيرة في هذا الشأن  لأنهم يرهقون الطفل بالواجب المدرسي و كأنه عقاب يومي أو سجن، في حين أن التعلم و حل المسائل يعد مجال ترفيه و فسحة للعقل .

الواجب المدرسي يجب أن يكون فرصة لإسعاد الطفل و ليس لإرهاقه.  لذلك انصح الأولياء أن يجعلوا أبناءهم محييين للدرس مقبلين عليه بانشراح.

 إذا لاحظت أن طفلك مكره على التعلم، عليك أن تجد صيغة  تجعله محبا له  و إلا فلا  فائدة من وراء تعليم بالإكراه و أنصح في هذا السياق بالاستعانة بخبير بداغوجي.

مشاهدة التلفزيون يجب أن تكون محدودة بالنسبة للأطفال

التلفزيون هو أكبر خطر يواجه الطفولة، إذا تجاوزت مدة مشاهدته ساعتين على أقصى تقدير في اليوم. و يجبب أن تكون برامجه  موجهة للطفل مثل الصور المتحركة و برامج  الألعاب.

يمكن تعويض التلفزيون بالكتب و قصص المطالعة فهي متوفرة في السوق و تناسب كل الأعمار من ثلاثة سنوات حتى اثني عشر عاما. ( من3 إلى12 سنة).

ما ينطبق على التلفزيون ينطبق أيضا على الحاسوب و الهاتف المحمول  و كذلك المنصات الاجتماعية. إذ من المستحسن تجنبها حتى  سن الخامسة عشر لأن هذه الوسائط  من شأنها أن تشحن الطفل بطاقة سلبية تهدد توازنه و من ثمة شعوره الطبيعي بالسعادة .

كانت هذه مجمل النصائح  الموجهة للأب و الأم حتى يجعلوا من أسلوب تعاملهم وتربية أطفالهم مصدر سعادتهم و فرحتهم الدائمة المرسومة على وجوههم.             

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى