من هو بابا الفاتيكان الجديد؟ البابا ليو الرابع عشر: أميركيّ يُمسك مفاتيح الكنيسة

في سماء روما، أطلّ رجلٌ من بعيد… يحمل في عينيه دفء البيرو، وفي قلبه حكمة شيكاغو، وفي يده عصا بطرس الرسول. من هو هذا الرجل الذي أجمع عليه الكرادلة في لحظة نادرة من التوافق؟ إنه البابا ليو الرابع عشر، خليفة القديس بطرس الجديد، وأول أمريكيّ يعتلي العرش البابوي.

البابا ليو الرابع عشر: سيرة رجل من الناس

ولد روبرت فرانسيس بريفوست يوم 14 سبتمبر 1955 في قلب مدينة شيكاغو الأمريكية، وسط عائلة كاثوليكية بسيطة. منذ صغره، لم يكن يسعى إلى الأضواء، بل سار على خطى الهدوء والإيمان، حتى وجد نفسه ذات يوم في أدغال بيرو، يخدم الفقراء ويعيش مع المهمشين.

ولم يكن اختياره للعمل التبشيري هناك مغامرة مؤقتة، بل امتدت سنواته العشرين في خدمة أبرشية شيكلايو لتغرس فيه روحًا لاتينية، مشبعة بالحب والإصغاء والعدالة.

كيف أصبح بابا الفاتيكان؟

بعد وفاة البابا فرنسيس في أبريل 2025، اجتمع الكرادلة في مجمع انتخابي بدا أنه سيكون شاقًا، بسبب التباينات الكبيرة بين التيارات داخل الكنيسة. لكن المفاجأة كانت التوافق على شخصية تمثل “الممر الوسطي”، شخصية لا تميل إلى التشدد ولا تذوب في الحداثة المفرطة.

وفي 8 مايو 2025، ارتفعت سحابة الدخان الأبيض، وأعلن الفاتيكان عن انتخاب البابا الجديد: ليو الرابع عشر.

لماذا اختار اسم “ليو”؟

اختياره لاسم ليو لم يكن عشوائيًا. البابا ليو الثالث عشر، الذي حمل الاسم نفسه قبل أكثر من قرن، كان رائد العدالة الاجتماعية في الكنيسة، وهو الذي كتب الوثيقة الشهيرة Rerum Novarum، دفاعًا عن حقوق العمال والفقراء.

وكأن البابا ليو الرابع عشر أراد أن يقول: “أنا هنا لأكمل ما بدأه ليو الأول والثالث عشر… أنا بابا الفقراء، بابا التوازن”.

رؤيته: كنيسة تُصغي… لا تأمر

في عظته الأولى، قال ليو الرابع عشر كلمات بسيطة، لكنها عميقة:
“أنا لا أريد كنيسة متسلطة… بل كنيسة تسير مع الناس، تستمع قبل أن تُعلّم، وتخدم قبل أن تُقرّر.”

إنه يؤمن بـ كنيسة تشاركية (Synodal Church)، تعطي صوتًا لكل مؤمن، وتفتح الأبواب للشباب، والنساء، والمهمّشين.
رؤيته ترتكز على ثلاثية ذهبية:

  • الوحدة: لا للتفرقة الطائفية ولا للانقسامات العقائدية.
  • الرحمة: لا لإدانة الآخر، بل لفهمه.
  • الكرامة: لا لاقتصاد يدهس الإنسان باسم الربح.

ردود الفعل: حبّ من بيرو… ودهشة في أمريكا

ما إن أعلن عن اسم البابا الجديد، حتى علت الزغاريد في بيرو! كيف لا، وهو الأسقف الذي عاش مع الشعب، أكل خبزهم، وتعلّم لغتهم، وتحمّل أمراضهم. أما في شيكاغو، فالتاريخ دوّن سابقة: أول أمريكيّ يصبح “خليفة بطرس”.

حتى الكنيسة الإفريقية والآسيوية أبدت ارتياحًا. ليو الرابع عشر لا يأتي من المركز الأوروبي التقليدي، بل من هامش العالم الكاثوليكي… والهامش، كما يعلم المؤمنون، هو المكان الذي اختاره المسيح مرارًا ليبدأ منه.

ما الذي يمكن أن نتوقعه من ليو الرابع عشر؟

هل سيكون ليو الرابع عشر ثوريًا؟ ربما لا. لكنه سيكون مصلحًا حكيمًا، يسعى للجمع لا للفرقة، ويؤمن أن سلطة الكنيسة لا تأتي من القصور، بل من القلوب.

في عصر تتنازع فيه البشرية بين الحداثة الجامحة والتيارات الشعبوية، قد يكون هذا البابا الجسور هو الصوت الذي ينادي بالعقل والرحمة والعدالة.


خاتمة: من بيرو إلى روما… رسالة أمل

البابا ليو الرابع عشر ليس مجرد رجل دين يرتدي الأبيض… إنه رمز لتحول عميق في الكنيسة الكاثوليكية نحو مزيد من التواضع، والإصغاء، والعمل الميداني.

فهل سينجح في مواجهة التحديات الكبرى: مناخ منهار، حروب دينية، شباب هارب من الكنيسة؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة… لكننا اليوم نشهد بداية، فيها الكثير من الأمل، والكثير من الإنسانية.


🕊️ هل تعتقد أن هذا البابا سيحدث فرقًا في تاريخ الكنيسة؟ شاركنا رأيك في التعليقات.
📌 لا تنسَ مشاركة المقال مع من يهتم بالشأن الديني والتحولات العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى