دور الكلاكيت في تصوير الأفلام السينمائية

مقدمة

الكلاكيت، تلك الأداة البسيطة ذات اللوحة البيضاء والسوداء والذراع الخشبية، ليست مجرد رمزٍ لكواليس السينما، بل هي عنصرٌ حيوي في تنظيم العملية الإنتاجية وضمان دقة المونتاج. يعود استخدامها إلى بدايات القرن العشرين، لكنها ما زالت تحتفظ بأهميتها حتى في عصر التكنولوجيا الرقمية. إليك تفصيلٌ لدورها وأسرارها في صناعة الأفلام.


1. ما هو الكلاكيت؟

الكلاكيت (Clapperboard) أداةٌ تُستخدم في مواقع تصوير الأفلام، تتكون من لوحةٍ قابلة للكتابة وذراعٍ مرفقة تُصدر صوتًا عند طرقها. يُكتب عليها تفاصيل المشهد مثل اسم الفيلم ورقم اللقطة والمخرج، وتُستخدم لإنشاء حدثٍ مرئي وسمعي يساعد في مزامنة الصوت مع الصورة أثناء المونتاج .

  • أصل التسمية: يعود الاسم إلى الكلمة الفرنسية “Claquette” التي تعني “الطرق”، بينما تُعرف في الإنجليزية بـ “Slate” أو “Clapperboard” .

2. الوظيفة الأساسية: المزامنة والتنظيم

أ. مزامنة الصوت والصورة

تُسجل الصورة عبر الكاميرا، بينما يُسجل الصوت بواسطة أجهزة منفصلة. يؤدي هذا الانفصال إلى صعوبة في مطابقة المقاطع لاحقًا. هنا يأتي دور الكلاكيت:

  • الحدث الزمني: عند طرق الذراع، يُسجل صوت الضربة في مسار الصوت، ويظهر الحدث المرئي (إغلاق الذراع) في الفيديو. يعتمد المونتير على هذه النقطة لتوحيد المسارين بدقة .

ب. تنظيم اللقطات

تحتوي الأفلام على آلاف اللقطات التي تُصور بترتيب غير متسلسل (حسب المواقع أو الإضاءة). يضمن الكلاكيت عدم ضياع التفاصيل عبر:

  • تدوين المعلومات: مثل رقم المشهد (Scene)، وعدد المرات التي أُعيد فيها التصوير (Take)، وتاريخ التصوير، ونوع الكاميرا المستخدمة .
  • تسهيل المونتاج: تُسجل البيانات في “دفتر التقارير” الذي يُسلم للمونتير، مما يساعده في ترتيب المشاهد وفق السيناريو الأصلي .

3. المعلومات المدوَّنة على الكلاكيت

تختلف التفاصيل حسب العمل، لكنها تشمل عادةً:

  1. PROD: اسم المشروع أو الفيلم.
  2. Roll: رقم شريط الفيلم أو كرت الذاكرة.
  3. Scene/Take: رقم المشهد وعدد مرات الإعادة.
  4. Director: اسم المخرج.
  5. Date: تاريخ التصوير .
  • معلومات إضافية: قد تُضاف تفاصيل مثل الفلاتر المستخدمة أو ظروف الإضاءة (نهاري/ليلي) .

4. كيفية الاستخدام على موقع التصوير

أ. الأدوار المسؤولة

  • مساعد الكاميرا (AC): هو من يتولى استخدام الكلاكيت، وليس المخرج كما يعتقد البعض .
  • قراءة المعلومات: يُعلن مساعد الكاميرا تفاصيل اللقطة بصوتٍ واضح قبل الطرق، مثل: “المشهد 3، اللقطة 2، الإعادة الأولى” .

ب. الإجراءات الخاصة

  • الكلاكيت المقلوب: يوضع رأسًا على عقب إذا أُستخدم في نهاية المشهد بسبب صعوبة ظهوره في البداية .
  • مشاهد بدون صوت: يوضع العامل يده بين الذراع واللوحة لإشارةٍ بصرية لعدم وجود صوت مسجل .
  • مشاهد الكلوز أب: يُطرق الذراع برفق لتجنب إزعاج الممثلين في اللقطات القريبة .

5. التطور التاريخي والتقنيات الحديثة

  • البدايات الخشبية: استُخدمت لوحات خشبية مع ذراعٍ بسيطة في الأفلام الصامتة، ثم أُضيفت الذراع مع ظهور الأفلام الناطقة عام 1926 .
  • الكلاكيت الرقمي: يُسجل الوقت التزامني (Timecode) تلقائيًا، ويُربط بأجهزة الصوت والكاميرا، مما يلغي الحاجة للمزامنة اليدوية .

6. الكلاكيت في السينما العربية: أمثلة بارزة

  • نجوم المهنة: في مصر، يُعتبر حسين عرعر وطارق عصفورة من أبرز العاملين بالكلاكيت، حيث شاركا في أعمال ضخمة مثل مسلسل “حديث الصباح والمساء” .
  • التكيف مع التكنولوجيا: أدخل عصفورة تعديلات مثل استخدام الأقلام بدل الطباشير، مما سهل تحديث المعلومات بسرعة .

7. أهميته في مرحلة ما بعد الإنتاج

  • توفير الوقت: يختصر ساعات من البحث عن اللقطات في المونتاج.
  • تجنب الأخطاء: يُسجل ملاحظات “مشرف النص” حول اللقطات الجيدة أو السيئة، مما يساعد في اختيار الأفضل .

الخاتمة

الكلاكيت ليس مجرد أداة تقليدية، بل هو جسرٌ بين الإبداع الفني والدقة التقنية. رغم تطور التقنيات، يظل رمزًا لتنظيم العمل السينمائي، حيث يجمع بين التاريخ والابتكار. كما قال طارق عصفورة: “هذه المهنة لا يمكن الاستغناء عنها… إنها روح الترتيب خلف الكواليس” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى