التجربة الفنلندية وأهم السمات المميزه لنموذج التعليم في فنلندا
كيف حقّق نظام التعليم في فنلندا الجودة والتميّز
في محتوى هذا المقال
- 1 العامل الأول: جعل الطالب محور العملية التعليمية:
- 2 العامل الثاني:هيكل تعليمي شبيه بالمنزل:
- 3 العامل الثالث: نسق تعليمي ملائم:
- 4 العامل الرابع: مزيد من الإشراف لنفس الميزانية:
- 5 العامل الخامس: حرية الاختيار التدريجي:
- 6 العامل السادس: مفهوم مغاير للتقييم:
- 7 العامل السابع : الأساتذة تحفزهم البيداغوجيا اولا:
- 8 العامل الثامن :العناية بالاساتذة و الطلاب على حد السواء:
في هذا المقال سوف نعدد الأسباب والعوامل التي جعلت التعليم في فنلندا هو الأفضل عالميا
منذ ما يزيد عن عشر سنوات أصبحت المنظومة التربوية الفنلندية مثالا تعليميا يحتذى به في أوروبا و على نطاق أوسع في أغلب البلدان الغربية. و قد تمكنت هذه الدول من تحقيق نتائج مذهلة في تقييمات بيزا الدولية التي أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية.
حيث احتلت المرتبة الثانية عالميا في مجال العلوم و المرتبة الثالثة في القراءة كما أحرزت المرتبة التاسعة في الرياضيات سنة2009.
ولفهم هذه الظاهرة قام Paul Robert مدير جامعة Gard برحلتين دراسيتين لعديد المؤسسات التربوية: روضة أطفال و مدرستان إبتدائيتان و مدرستان اعداديتان و معهدان ثانويان وجامعة و مركز تكوين مستمر للوقوف على عوامل نجاح هذه التجربة و قام بإصدار كتاب بعنوان : “فنلندا نموذج تعليمي لفرنسا؟”
العامل الأول: جعل الطالب محور العملية التعليمية:
يمكن القول ان عديد العوامل مثل المناهج المعتمدة و النظم التعليمية و نوعية التقييمات قد ساهمت في نجاح التجربة الفنلندية الا ان السر وراء هذا النجاح المذهل يكمن أساسا في جعل التلميذ محور العملية التربوية. حيث يحظى كل تلميذ بأهمية فائقة و على المدرسة ان تأقلم ممارساتها وفقا لنسقه الخاص
و كما يقول Paul Robert :
“ما يوجه عمل جميع الولايات و البلديات و المؤسسات و الأساتذة هي فكرة أن يكون الطالب سعيدا منطلقا و له مطلق الحرية في في التطور وفق نسقه الخاص فاكتساب المعارف الاساسية بسهولة ليست غايتنا في فنلندا”
اما السيد Hnnu Naumanen مدير كلية بيليسجوكي فيقول:
” لا ينبغي أن نتعسف على الطلاب بل ينبغي تمكينهممن فرص مختلفة متنوعة للتعلم و امتلاك الكفايات لذا تم بناء نموذج كامل للإصلاح تدريجيا”
و تقول السيدة Sikky Pyy أستاذة الإنجليزية بمعهد جونسي:
“منذ ثلاثين سنة كان الأمر اكثر صعوبة حيث كان الطلاب أقل انضباطا و أقل تحفيزا اما الآن فتغيرنا تدريجيا و عبر مراحل ليصبح طلبتنا في القلب”.
العامل الثاني:هيكل تعليمي شبيه بالمنزل:
من الأهداف ذات الاولوية جعل الطالب يشعر انه في منزله لذا تجد المؤسسات التربوية صغيرة نسبيا و عدد التلاميذ يتراوح بين 300 و 400 تلميذ بالاعداديات. اما بالمعاهد الثانوية فيتراوح بين 400و 500طالب. بينما تكون مساحات العمل شاسعة بالقدر الكافي و الألوان زاهية. بالإضافة إلى قاعات مريحة للراحة. و أثناء فترات الراحةيمكن للطلاب اللعب او استخدام الكمبيوتر… ان هذه الألفة لا تلغي الاحترام المتبادل بل من شأنها خلق مناخ من الثقة و المحبة بين الطالب و الاستاذكما يقول الاستاذ Paul Robert .
العامل الثالث: نسق تعليمي ملائم:
من المهم أن يحظى الطالب بفرصة التعلم وفق نسقه الخاص . فبالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 9سنوات تخصص السنوات الاولى من التعلم لإيقاظ و تنمية الفضول و المهارات لديهم.
اما بالنسبة للرسوب فهو محظور قانونيا. و قد يطرح موضوع الرسوب في بعض الحالات الخاصة شرط أن يحظى بموافقة الطالب و عائلته. و تنظم ايام العمل بطريقة تحترم القدرات البيولوجية للطفل مما يجنبه التعب و الإرهاق. و إلى حدود سن 16 لا يتجاوز توقيت الحصص المخصصة للدرس 45 دقيقة تتخللها فترات راحة ل15 دقيقة.
العامل الرابع: مزيد من الإشراف لنفس الميزانية:
الأقسام بالمؤسسات الفنلندية أقل اكتظاظ بمعدل عشرين طالب في الفصل الواحد و يقل العدد عن ذلك بالمعاهد الثانوية و تحظى الفصول بعدد من المشرفين من أساتذة و مرشدي توجيه بالنسبة للمعاهد الثانوية و مساعدين تربووين بالمدارس الابتدائية بالرغم ان ميزانية التعليم في فنلندا تتوافق تقريبا مع مثيلتها في فرنسا (حوالي 7% من الناتج المحلي الاجمالي).
العامل الخامس: حرية الاختيار التدريجي:
لم يعد دور الاستاذ ذلك الدور التقليدي بل أصبح يلعب دور المكون و المؤطر الذي يرافق المتعلم في بناء تعلمه. و أصبح الطلاب يتعلمون ضمن مجموعات صغيرة و يعتمدون على مصادر متنوعة للتعلم على غرار الكتب و الكمبيوتر و الانترنت….
خلال المرحلة الابتدائية( بين 7و 13سنة) يكون البرنامج موحدا لجميع الطلاب و انطلاقا كن 13 إلى 16 سنة يبدأ الطلاب تدريجيا في بناء مناهجهم حيث يختار الطالب من مادتين إلى ست مواد اختيارية . في المعاهد الثانوية يمكن للطالب التسجيل في الدورات التعليمية المتوفرة في المؤسسات التربوية او على الإنترنت. لا مكان للقسم التقليدي بعد اليوم…
العامل السادس: مفهوم مغاير للتقييم:
لا تسند اعداد للطلبة إلى حدود سن التاسعة و بين التسع سنوات و الثلاثة عشر سنة يخضع المتعلمون لتقييم غير مشفر مما يمكنهم من تعلم المفاهيم الاساسية دون اية ضغوطات. سيتمكن الجميع من التعلم وفق نسقهم الخاص بعيدا عن الشعور بالعجز و الدونية.. و بدءا من سن الثالثة عشر تظهر الدرجات العددية و تكون محصورة بين 4و 10.
اما الصفر فهو ممنوع لما يشكله من إهانة تؤثر سلبا على نفسية الطالب. الهدف من التقييم هو تثمين المكاسب التي وقع تملكها دون التقليل من شأن الطالب على ما فوته من معارف اي لم يعد للتقييم ذلك الطابع الجزائي المخيف.
العامل السابع : الأساتذة تحفزهم البيداغوجيا اولا:
يلعب الاستاذ دورا هاما في نجاح هذه المنظومة. فحسب Paul Robert اغلب الأساتذة يختارون مهنة التدريس من أجل البيداغوجيا في مرتبة أولى ثم تأتي بعد ذلك المادة المدرسة بالإضافة إلى دورهم في مرافقة منظوريهم خلال مرحلة التقييم. كما انهم يحضون بمكانة مرموقة في مجتمع شديد التعلق بنظامه التعليمي.
ويبلغ عدد الطلاب بكلية التربية سنويا 80 طالبا يدرسون البيداغوجيا من سنة إلى سنتين و كل أستاذ مطالب بالحصول على الماجستير في علوم التربية ثم يقوم بتربص ميداني من سنتين إلى ثلاث سنوات ثم ينضم إلى إحدى المؤسسات التعليمية التي يتمتع مسؤولوها بحرية إختيار فريق العمل الخاص بهم.
العامل الثامن :العناية بالاساتذة و الطلاب على حد السواء:
بعد تعيينهم في مراكزهم يتمتع الأساتذة بظروف عمل مريحة للغاية: عدد التلاميذ بالفصل الواحد يتراوح بين 20و 25 تلميذا، وسائل تعليمية حديثة، لهم الحرية المطلقة في إختيار بيداغوجيا العمل المناسبة مما يجعلهم يعملون في أريحية و يبتكرون طرق عمل خلاقة و ناجعة من أجل منظوريهم.
و بعيدا عن دورهم في التدريس ينشئ الأساتذة علاقات متينة مع طلبتهم و يتواصلون ايجابيا مع عائلاتهم خارج اوقات التدريس. و في الختام يحوصل Paul Robert قائلا:
” يبدو أن نظام التعليم الفنلاندي يذهب مباشرة إلى جوهر الموضوع: مساعدة كل طالب على أن يكون إنسانا مسؤولا و قادرا على المشاركة الفعالة في المجتمع شريطة المحافظة على طابعه الشخصي.”