تفسير حلم التكلم مع الله أو سماع صوته و كلماته
في محتوى هذا المقال
لله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم.
من رأى الله تبارك و تعالى في منامه على حال القبول و البشرى و السرور و الفرحة ، فإنه يلقاه يوم القيامة على نفس الحال ، و في ذلك قبول عمله الصالح من صلاة و صيام وغيرها من مسائل الطاعة و العبادة ، فإن رأى الله و استطاع النظر إليه فإنه يكون في الدنيا عبدا مشكورا ، و يدخل الجنة و إن رآه كأنه يعطيه شيئا من متع الدنيا ، مالا أو رزقا أو امرأة ، أصابه مرض في بدنه و بلاء و امتحان لأنه من الأجر على ذلك ما يدخله الجنة .
فإن رآه سبحانه و تعالى أنه تولى مكانا معينا شمل أصحاب ذالك المكان ، الخير و اليمن و البركة . فإن رأى الله ينهاه أو يكلمه بالزجر والوعيد ، فإن الرائي يعيش في معصية توجب الرجوع عنها و التوبة.
أما الذي يرى الله تعالى كأنه يدخل مخدعه أو مضجعه فإنه يبشر بزواج كريم أو غلام صالح تقي ربما يكون من علماء الدين أو وليا من أولياء الله الصالحين أو يموت شهيدا في سبيل الدفاع عن الحق أو الدين .
أما الذي يرى الله في منامه مصورا على زجاج أو حائط أو منحوتا على هيئة إنسان فإن ذلك يدل على أن الرائي صاحب بدعة أو متملق كذاب أو جائر أو مشعوذ أو ساحر وكذلك إن رآه ناقصا في جماله و كماله وجلاله لأنه سبحانه و تعالى منزه عن ذلك .
حكاية تليق بباب رؤية الله في المنام رواها ابن سيرين في كتابه ( تفسير الأحلام الكبير)
يحكى أن رجلا جاء إلى جعفر الصادق رضي الله عنه، فقال له: رأيت في المنام كأن الله تبارك و تعالى ناولني حديدا و سقاني شربة من خل فما يكون ذلك ، فأجابه الإمام قائلا: أما ما رأيت من الحديد فإنه شدة لقوله تعالى : و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد وربما تعلم بعض أبنائك صناعة الدروع ، وأما شربك الخل فهو رزق و مال بعد مرض يصيبك و يطول بك المقام في مضجعك فإن توفاك الله تعالى ، فإن رحمة من لدنه تغمرك فيغفر لك ما تقدم و تأخر من ذنب .
الله تبارك و تعالى على هيئة إنسان في المنام
رؤية الله عز و جل في شكل إنسان في المنام دالة على أن الرائي ، شخص قويم ، صالح أمين . و الله يتجلى في المنام في صورة شيخ جليل أبيض الوجه ، لحيته كثيفة و النور يسطع من جبينه ، لباسه شديد البياض و النقاء ، طبعا هذه الصورة ليست صورة الله و لكنها تعكس روح الشخص الذي رأى الحلم ، و الله في الحقيقة لا يتجلى لأحد لا في اليقظة و لا في المنام .
و لكن إذا شعرت في المنام بأنك ترى بديع السموات و الأرض فتلك صورة من خيالك ، من عقلك الباطن تبشرك بأمر كنت تتمناه أو تطمئن قلبك من خوف أو جزع . حتى الأنبياء لا يرون الله و الدليل في سورة الأعراف:
وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
من خلال هذه الآيات الكريمة ، نفهم أن الله لا يرى و لا يمكن تخيله و لا تصوره بأي شكل من الأشكال ، و لكن المؤمن الصالح المتشوق لرؤية الله تصور له نفسه في الحلم الله في صورة إنسان ، هو مبشر أو نذير .
و تفسير الرؤيا يتوقف عند الأحداث و الكلمات و الصور و الأصوات فإن بدت الكلمات مبشرة فإنها تدل على العبد أو الأمة الصالحة أما إذا كان هناك تحذير و تنبيه أو جزع أو خوف فذلك يدل على معصية جاء بها الرائي و يخشى بها على نفسه من غضب الله و سخطه .
الكلام مع الله في المنام و سماع كلمات و صوت الله في الحلم
إذا كانت رؤية الله في المنام مستحيلة فإن الكلام مع الله كذلك، ليس بالإمكان تكليم الله في المنام أو سماع صوته لأن ذلك قد خص به الله نبيه موسى فقط .
كيف كلم الله سيدنا موسى في المنام؟
قال اللهُ سُبحانه وتعالى في كتابه الكريم
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً }مريم51
{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً }النساء164
{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}القصص30
من خلال هذه الآيات الكريمة يظهر جليا أنا النبي موسى عليه السلام قد كلم الله تكليما أي مباشرة و لكن هذه معجزة خص بها الله موسى دون سائر خلقه و بالتالي لا يكلم الله الإنسان إلا من خلال القرآن المنزل ، الحقيقة أن كلام الله هو القرآن فقط و لذلك يمكن للإنسان أن يتلقى كلاما من ربه عبر سماع أو قراءة القرآن في الحلم و تلك رسائل موجهة من الله إلى عبده إما شكرا ووعدا و ثناء و إما وعيدا كل حسب عمله و قربه من الله .
لذلك ليس في تفسير الأحلام شيء عن كلام الله أو سماع صوته . و كل ما يراه أو يسمعه النائم عن رؤية الله سبحانه و تعالى لا يعد ضربا من الخيال أو تعلق شديد بالإيمان .
خاتمة
الله ليس كمثله شيء ، و لا يمكن لأحد أي كان أن يتصوره أو بتمثله أو يسمع صوته لا في اليقظة و لا في المنام لأن الله وعد عبده الصالح بأن جزاء المؤمن هو رؤية وجه الله تعلى يوم القيامة أي يوم الحساب فإذا أردت أن ترى الله اعمل عملا صالحا و اتق الله لتنعم يوم البعث برؤية بديع السموات و الأرض.