تفسير رؤية الأبوين لإبنهما أو طفلهما أو ولدهما في المنام
في محتوى هذا المقال
لا يزال موقع تفسير الأحلام يبحث في تفاصيل الرموز التي تظهر في الرؤيا من خلال عودته إلى أكبر المراجع و الكتب القديمة و على رأسها كتاب تفسير الأحلام الكبير لابن سيرين وذلك من خلال الاستئناس برأي علم النفس التحليلي الذي أسسه سيغموند فرويد (6 مايو، 1856 – 23 سبتمبر، 1939)و تلاميذه .
إن هذه المقالة تأتي في سياق متصل برؤية الأشخاص الذين تربطنا بهم علاقة خاصة ، فبعد تفسير رؤية الأب و الأم في المنام ، نحاول هنا الكشف عن معاني و دلالات و رموز الابن أو الولد في الحلم لما لهذه الرؤيا من أبعاد نفسية و عاطفية عميقة . لن نطيل عليكم كثيرا أيها السادة و السيدات و نترككم لقراءة المقال عسى أن يكون مفيدا وواضحا و يساعدكم في فهم ذلك المنام الذي يظهر فيه أبناءكم من الذكور .
تفسير حلم “رأيت إبني في المنام”
يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً {الكهف:46}
من خلال هذه الآية الكريمة ، نفهم أيها الإخوة أن الأبناء لهم منزلة خاصة و قوية لقد اقترن ذكرهم بالمال في القرآن ، ومن شأن ذلك أن يبرز لنا مدى تعلق الأبوين بذريتهم في هذه الدنيا وذلك يعود بالأساس إلى فطرة الإنسان و طبيعته و ميله إلى البقاء و الخلود من خلال الإنجاب و التكاثر . أما الولد الذكر فهو بالتأكيد أحب و أعز خاصة لدى الشعوب الشرقية أو العربية التي لا تزال تعتقد منذ آلاف السنين أن الذكر من الأبناء يشكل عزوة كبيرة فهو امتداد لأبيه وهو في الأسرة يحظى بنصيب أوفر من الرعاية و الحب أو الحنان و السبب هو الطبيعة الذكورية للمجتمع ، رغم تلاشي تلك المعتقدات شيئا فشيئا ، إلا أن الولد لا يزال درة أبيه و أمه و لا تزال الأنثى في عالمنا العربي تحظى بالمرتبة الثانية في أغلب الأحوال .
إن مكانة الابن الغالية أو الرفيعة لها تأثير كبير على أحلامنا ، نكاد نجزم ، أن أكثر الأحلام تواترا لدى الأبوين هي تلك المتعلقة بالابن ، و تأتي الرؤيا ، إما خوفا و حرصا عليه أو هي ناجمة عن قلق عميق بشأنه .
تفسير رؤية الأم لابنها في المنام
أقرب كائن للابن في هذه الدنيا هي أمه تلك التي حملته وهن على وهن وأرضعته و عاشت معه كل مراحل حياته تقريبا منذ كان علقة حتى أصبح جنينا فرضيعا ثم طفلا ثم كبر ليصبح شابا ثم تزوج ليستقل ظاهريا عنها و لكنه في الأصل لا يزال يسكن وجدانها و لا يفارقها حتى في أحلامها .
ترى الأم ابنها مريضا أو متألما حين يكون في اليقظة يعيش أزمة نفسية أو مشكلة عويصة و تراه ميتا أو يموت ويدفن حين تكون تلك المشاكل في حجم الهموم وأحيانا تراه يسقط من مكان مرتفع حين يواجه ذلك الابن أو الولد فشلا في الدراسة أو العمل و تراه غريقا عندما يحظى ذلك الابن برزق أو محبة و تراه يحرق أو يعذب بالنار عندما يأتي ولها بمعصية أو تزل قدمه و تراه سجينا أو محكوم عليه من قبل القضاء بتهمة قتل أو سرقة لأنه يعاني من مشاكل مادية أو نفسية أو حتى اجتماعية . و تراه يرتع و يلعب و يضحك حين يحالفه النجاح و تفتح أمامه أبواب الرزق و تراه مكبل اليدين حين يعجز عن القيام بعمل أو إيجاد وضيفة و تراه مسافرا إلى بلد أجنبي لأنه سوف يقبل على مرحلة الزواج كل تك الصور يمكن للام أن تراها في منامها و لكن على الأم أن تنبه ابنها أو ولدها إذا ما رأت أن الحلم له قراءة أو دلالة سلبية ، يمكن للأم أن تتطلع على أدق أسرار ولدها من خلال الحلم ولذلك السبب يقول المثل :
{ قلب الأم دليلها }
تفسير رؤية الأب لولده في المنام
لا يختلف تفسير رؤية الأم لابنها في المنام كثيرا عن تعبير الرؤيا التي يظهر فيها الابن في حلم أبيه . يكمن الفرق بينهما في مصدر الشعور و الإدراك و ليس الفرق كامنا في الصور التي يظهر عليها الابن . غالبا ما يرى الأب نفسه أو ذاته عندما يرى ابنه في الرؤيا وذلك استنادا للمثل الذي يقول:
{ من شابه أباه فما ظلم }
و الأصل في ذلك القول يعود لبيت شعري قديم يقول:
بِأَبِيهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ في الكَرَمْ *** وَمَنْ يُشابِهُ أَبَاهُ فَما ظَلَمْ.
لا شك أيها السادة و السيدات ، أن نظرة الأب لابنه لها خصوصية و دلالة عميقة فهو يرى من خلاله ذاته و نفسه و أحيانا يرى الأب نجاحه من خلال نجاح ولده وكم من أب يتفاخر و يتباهى بولده حين يصبح و حين يمسي !، سرا في قلبه أو جهرا أمام الناس !المسألة تتحدى العاطفة بل هي وجودية بالأساس فلا يرضى الأب إلا بنجاح ولده و استقراره وسعادته لأن في سعادة ابنه تكمن سعادته هو و كأن الرابطة الدموية أو الجينية تنقل ذلك إلى أعماق النفس فيشعر الأب بحالة من الرضي و ليس غريبا أيها الإخوة أن تقترن محبة الله ورضاه عن عبده بمحبة الوالد و رضاه عن ولده . نعم إنها علاقة وجودية بامتياز . لهذا السبب يظهر الابن مريضا في المنام عندما يكون الأب غير راضي تماما عن سلوكه أو أسلوب حياته و لهذا السبب يظهر الابن ميتا في المنام حين يشعر الأب بأن لا جدوى و لا أمل يرجى من ذلك الولد . و إن رآه في الحلم حسن المظهر و اللباس يطمئن قلبه لأن الحلم يعبر عن خير ينتظرذلك الأب و ابنه .
ولعل القارئ الكريم يستحضر قول النبي يعقوب حين شعر بأن يوسف ابنه ، لا يزال حيا وأن لقاءهم بات قريبا بعد سنوات من لوعة الفراق . ولقد جاء ذلك في قوله تعالى:
{ ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم } .
بوسع الأب أن يستشعر حالة ووضع ابنه من خلال الرؤيا أو الحلم ، فكما عرف سيدنا يعقوب وهو نبي من خلال قميص ابنه أن الله قد حفظه و رعاه و أنجاه من مكر إخوته ، يمكن للأب أن يعرف الكثير عن أبنائه من خلال الرؤيا .
روى البخاري من حديث أبي سعيد ، ومسلم من حديث أبي هريرة
عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال :
( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ).
خاتمة
هكذا نكون أيها الإخوة و الأخوات ، قد و صلنا إلى نهاية تفسير رؤية الأبوين لابنهما في المنام ، نلتقي إن شاء الله مع موضوع جديد من تفسير الأحلام . حتى ذلك اللقاء ، نتمنى لكم دوام السعادة ، شكرا على زيارة الموقع و التفاعل مع محتواه .
إذا أعجبك المقال أو رأيت أنه قد يكون مفيدا للأصدقاء ، لا تتردد في نشره على موقعك الاجتماعي.