الموقف الروسي من الأزمة الإيرانية – الإسرائيلية: بين التحالف والحياد الاستراتيجي

في خضم التصعيد المتزايد بين إيران وإسرائيل، تتجه الأنظار نحو موقف روسيا، الحليف التقليدي لطهران، والذي يتّسم بالحذر والبراغماتية. فبينما يشتعل التوتر في الشرق الأوسط، تتجنب موسكو الانخراط العسكري المباشر، مفضلة لعب دور الوسيط والدبلوماسي، مما يعكس ديناميكيات جيوسياسية معقدة قد تعيد تشكيل خريطة التحالفات في المنطقة.


روسيا وإيران: تحالف استراتيجي مشروط

رغم العلاقة الوثيقة التي تربط موسكو بطهران، يتضح أن الكرملين لا ينوي الدفاع عسكريًا عن إيران في وجه إسرائيل. هذه الحيادية الروسية تكشف عن مقاربة تقوم على مبدأ “التحالف المشروط”، حيث تتقدم المصالح القومية الروسية على حساب الالتزامات الأيديولوجية أو العاطفية. تسعى روسيا للحفاظ على توازن دقيق يسمح لها بلعب دور الوسيط بين الأطراف المتصارعة: إيران، إسرائيل، والولايات المتحدة.

كلمات مفتاحية: الموقف الروسي من إيران، السياسة الروسية في الشرق الأوسط، روسيا وإسرائيل


دور الوساطة الروسية: النفوذ الناعم بدل السلاح

بدل الانجرار إلى ساحة الصراع، تركز روسيا على الوساطة الدبلوماسية، مستفيدة من علاقاتها الجيدة نسبيًا مع مختلف الأطراف. فقد أدانت موسكو الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة الإيرانية، لكنها في الوقت ذاته أبقت قنوات الحوار مفتوحة مع تل أبيب وواشنطن.

“روسيا تدعو إلى ضبط النفس والحوار بدل المواجهة”، تصريح أصبح مألوفًا في كل أزمة شرق أوسطية حديثة.


تهديدات خامنئي: إيران تلوّح برد طويل الأمد

في المقابل، اتسم خطاب المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، بالحزم، حيث توعد برد قوي على أي انتهاك لسيادة بلاده، خاصة في مجال الأجواء الجوية. تأتي هذه التهديدات في سياق استراتيجية ردع نفسي طويل الأمد، تستند إلى الذاكرة الثورية الإيرانية وتاريخ المواجهة مع “العدو الصهيوني”.

كلمات مفتاحية: تهديدات إيران لإسرائيل، خامنئي، الحرب النفسية الإيرانية


التصعيد الإقليمي: بوادر اشتعال واسع

الخوف الأكبر يتمثل في توسع رقعة الصراع، خاصة عبر أذرع إيران الإقليمية مثل الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان. الهجمات على خطوط الملاحة أو ضرب المصالح الغربية في الخليج قد تقلب الطاولة، بما يهدد أمن الطاقة العالمي ويفتح عدة جبهات متزامنة.


إسرائيل في حالة تأهب دائم

من جانبها، تحافظ إسرائيل على حالة استنفار مستمرة، وتتخوف من انتقام إيراني مباشر أو عبر وكلاء. وتُظهر سلوكياتها الأخيرة – من اغتيالات خارج الحدود إلى ضربات وقائية – سياسة أمنية هجومية تستند إلى الضربات الاستباقية.


إسرائيل تخاطب الشعب الإيراني عبر السوشيال ميديا

بشكل موازٍ، تشن إسرائيل حربًا إعلامية موجهة إلى الداخل الإيراني. حملات رقمية مكثفة باللغة الفارسية تحاول زعزعة ثقة الشارع بالنظام الإيراني، وتشجيع التحركات الشعبية ضد الحكم. هذه الحرب السيبرانية النفسية تمثل بُعدًا جديدًا في إدارة الصراع.

كلمات مفتاحية: الحملات الإسرائيلية على إيران، الحرب السيبرانية، تغيير النظام في إيران


التغيير في إيران: داخلي أم خارجي؟

يتفق الخبراء على أن أي تغيير جذري في إيران لن يأتي من الخارج، بل من الداخل الإيراني نفسه. التدخلات العسكرية، كما في العراق أو أفغانستان، لم تسفر سوى عن فوضى. لذا، فإن الرهان يبقى على الشعب الإيراني، لا على الجيوش الأجنبية.


قراءة مستقبلية: الشرق الأوسط على صفيح ساخن

الأزمة الإيرانية الإسرائيلية ليست صراعًا ثنائيًا فحسب، بل نقطة تقاطع بين مصالح روسيا، أمريكا، إسرائيل، ودول الخليج. ما سيحدث في الأشهر المقبلة قد يعيد رسم توازنات إقليمية، ويعيد ترتيب أولويات كبرى القوى الدولية.


خاتمة: بين الدبلوماسية والانفجار

المشهد الحالي في الشرق الأوسط يتسم بالغموض والتعقيد. فروسيا تسعى إلى التهدئة، بينما تمضي إيران وإسرائيل في تبادل الرسائل النارية. هل تنجح موسكو في تجنب انفجار إقليمي كبير؟ أم أن المنطقة على أعتاب دورة جديدة من الحروب والصدامات؟

    مقالات ذات صلة

    زر الذهاب إلى الأعلى