شرح الوصايا العشر كما وردت بالترتيب في الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل)

لَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي(1) لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا وَلَا صُورَةً (2) لَا تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا(3) اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ(4) أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ(5) لَا تَقْتُلْ(6) لَا تَزْنِ(7) لَا تَسْرِقْ(8) لَا تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ(9) لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ(10)

الوصايا العشر هي أساس وجوهر العقيدة اليهودية والمسيحية، تلقاها النبي موسى منحوتة على لوحي الشريعة في جبل حوريب. وتعتبر “الوصايا العشر، جوهرية في إلزامها بحيث لا يمكن أن يُعفى أحد من الالتزام بها، وفي العهد الجديد عندما سُئل يسوع المسيح: “أي عمل صالح أعمل لأرث الحياة الأبدية؟”، أجاب “احفظ الوصايا”، وقد اعتبرت “خلاصة الأحكام الرئيسية للسلوك الإنساني كله، فاليهود والمسيحيون يعودون إليها لكي يتعلموا منها منهج التصرف في الحياة الأخلاقية”. وقال عنها البابا يوحنا بولس الثاني: “ليست الوصايا العشر واجبات أجبرنا عليها رب طاغية جزافا، إنها تؤمن اليوم وفي كل الأيام حياة الأسرة البشرية ومستقبلها”.

كانت ألواح الشريعة تحفظ داخل صندوق يدعى تابوت العهد موضوع داخل خيمة تسمى خيمة الاجتماع، نقلها بنو إسرائيل معهم أينما حلّوا. ثم نقل التابوت إلى هيكل سليمان حقبة الملكية في يهوذا إثر تشييده، ودمرّا بدمار الهيكل خلال السبي البابلي. غير أن مضامين اللوحين حفظا في التوراة المدونة والمحتويتان حاليًا في سفر الخروج، 20 وسفر التثنية، 5. كما تفشّوا على لسان الشعب.

في اللغة العبرية التراثية، تسمى الوصايا العشر (עֲשֶׂרֶת הַדִּבְּרוֹת) وتعني (الأقوال العشر) أو (الكلمات العشرة) أو (الأوامر العشر).

لا يكن لك آلهة أخرى أمامي

«لَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» هي أولى الوصايا العشر في الكتاب المقدس العبري. وهي تحدد ماهية الرابطة بين بني إسرائيل، والرب إله إسرائيل. وهو العهد الذي استهله الرب بعد أن أخرج بني إسرائيل من الاستعباد من خلال ضربات مصر والتيه.

بشكل عام الوثنية هي إلصاق الخصائص الإلهية لأي شيء مخلوق. وفي العصور القديمة كانت تكثر عبادة أو تقديس الآلهة الأخرى.

بحسب سفر التثنية، فقد تم تنبيه الإسرائيليين بصيغة حازمة من عدم تبني أو قبول أو التأقلم مع أي من المزاولات الدينية للأقوام المجاورة لهم. ولكن بني إسرائيل قاموا بخرق هذه الوصية العديد من المرات، وقاموا بعبادة “الآلهة الأجنبية” فنزلت بهم الكثير من العقوبات الإلهية بسبب ذلك. حتى أن السبي البابلي نفسه وضياع تابوت العهد وألواح موسى، يعتبرها الكتاب المقدس بمثابة عقوبات ربانية لقيام بني إسرائيل بمشاركة الشعوب الأخرى في معبوداتهم وآلهتهم.

يضيف العهد الجديد على هذه الوصية مسائل أخرى غير الإيمان والاعتراف بالرب وحده، بل يقول إن هذا الإيمان يجب أن يتضمن محبة المعبود الواحد، وليس فقط الإقرار أو التصديق الظاهري. فيقول يسوع في العهد الجديد:

“تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ”، وتوصف هذه الوصية بأنها الوصية الأكبر، يعتبر اللاهوتيون المسيحيون أن هذه الوصية تنطبق في العصر الحديث وتحرم تقديس الأوثان، ويحذرون من التطلع إلى النشاط الروحي أو التوجيه من أي مصدر آخر (مثل السحر والتنجيم). ويثني التوجيه المسيحي الكاثوليكي على أولئك الذين يأبون حتى تقليد مثل هذه العبادة في أي سياق ثقافي، لأن “واجب تقديم العبادة الأصيلة لله يخص الإنسان كفرد وككائن اجتماعي”.

لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة

«لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا وَلَا صُورَةً» هي الوصية الثانية من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، والتي دونت على ألواح موسى. وهي تقول: “لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلَا صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لَا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلَا تَعْبُدْهُنَّ”.

على الرغم من عدم وجود مادة واحدة في الكتاب المقدس تحتوي على تعريف واف للأصنام، إلا إنه يمنع بشكل صريح تقديس الأوثان والصور، وتقديس الآلهة والمخلوقات كالأشجار والصخور والدواب والأجرام الفلكية أو إنسان آخر.

وكثيراً ما حذر العهد القديم بني إسرائيل من التأثر بمعتقدات القبائل الكنعانية القريبة، وفقَا لسفر التثنية، حُذِّر بنو إسرائيل بصرامة من تبني أو قبول أي من الممارسات الدينية للشعوب من حولهم. ومع ذلك فإن قصة بني إسرائيل حتى الأسر البابلي تضم خرق هذه الوصية مرارًا وتكرارًا، وكذلك خرق الوصية السابقة لها: “لا يكن لك آلهة أخرى أمامي”. والكثير من الوعظ الكتابي منذ زمن موسى إلى الأسر، يقوم على الاختيار بين العبادة الحصرية لله وحده، وبين تقديس الأوثان والشرك.

وفقا للمزامير فإن النبي إشعياء حذَّر الذين يعبدون الأصنام الجامدة بأنهم سيكونون مثلهم عديمو الشعور غير قادرين على سماع الحقيقة التي سيطلعهم الله عليها.

يقول بولس الطرسوسي في رسالته إلى أهل روما، أن عبادة المخلوقات بدلاً من الخالق، هي علة تداع الأخلاق الجنسية والاجتماعية بين الرومان.

ويذكر العهد القديم أن الملك يوشيا ملك يهوذا قام بعدة تقويمات في مملكته بخصوص التعبد بعد اكتشافه نصوص من الكتاب العبري في هيكل سليمان، حيث ظهرت هذه النصوص تهدد بانحدار مملكة يهوذا ما لم يرجع شعب يهوذا لتقديس الله الواحد وتركه لتقديس الأوثان. وبعد هذا الاكتشاف قام يوشيا بهدم جميع الأصنام في المملكة ما عدا تابوت العهد لكي يجعل شعب يهوذا يعبد الله الواحد.

كذلك تحذر الوصية من اتخاذ الرسوم لتصوير الإله، وأنه لا يمكن تصويره، أو أن يكون له نظير، فتقديس الله لا يقتضي وجود وثن منحوت أو رسم للنظر إليه.

وفي سفر أعمال الرسل يخبر بولس الأثينيين بأنه على الرغم من أن مدينتهم مليئة بالأصنام، إلا أن الله الحقيقي ليس أيًا منهم ويطلب منهم الانقطاع عن الأصنام.

لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا

«لَا تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا» هي الوصية الثالثة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، كُتبت على ألواح موسى. الوصية حسب سفر الخروج وسفر التثنية:﴿ لَا تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا، لِأَنَّ الرَّبَّ لَا يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا. ﴾

تحظر الوصية الثالثة سوء استخدام اسم رب إسرائيل، أو استغلال اسمه لاقتراف الإثم، أو الادعاء بالخدمة باسمه بينما الواقع يكون غير ذلك.

بناءً على هذه الوصية قام كهنة الهيكل الثاني في العصر الهلنستي بجعل نطق اسم يهوه على الإطلاق من المحظورات، مما أدى إلى تبديل يهوه بـ “ربي” أو “إلهي” في المعاملات والأدب وغير ذلك. في الكتاب المقدس العبري نفسه، الوصية موجهة ضد الإساءة لاسم الله، وليس ضد أي استخدام.

هناك الكثير من الأمثلة في الكتاب المقدس العبري وبعضها في العهد الجديد، حيث يقسم باسم الرب لقول الحقيقة أو دعم حقيقة العبارة التي تؤدي اليمين، ويتضمن سفر دانيال وسفر الرؤيا العديد من الأمثلة على القسم باسم الإله. كما يُقسم الرب نفسه باسمه في كثير من المواضع.

اذكر يوم السبت لتقدسه

اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ هي الوصية الرابعة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، والتي كُتبت على ألواح النبي موسى. الوصية حسب سفر الخروج وسفر التثنية: “اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ”.

أكرم أباك وأمك

“لاَ تَصْنَعْ عَمَلًا مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ.”
“أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ” هي الوصية الخامسة من الوصايا العشر في التوراة، تعتبر الوصية عمومًا في المصادر البروتستانتية واليهودية على أنها الوصية الخامسة، ويعتبر الكاثوليك واللوثريون أنها الوصية الرابعة.

لا تقتل

«لَا تَقْتُلْ» هي الوصية السادسة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، والتي كُتبت على ألواح موسى. تُعتبر هذه الوصية ضرورة أخلاقية، ولا تزال تعتبر قانونًا قابلاً للإنفاذ من قبل البعض. تؤكد الوصية السادسة على عدم القتل العمد بغير حق.

لا تزن

«لَا تَزْنِ» هي الوصية السابعة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، والتي كُتبت على ألواح موسى. تُعتبر هذه الوصية من المفروضات السلوكية، ولا تزال تعتبر حكما قابلاً للإجراء من قبل البعض. لم يحدد النص جليا صيغة الزنا، وكان قضية جدل بين اليهودية والمسيحية.

لا تسرق

«لَا تَسْرِقْ» هي الوصية الثامنة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، والتي خطت على ألواح موسى. تُعتبر هذه الوصية من الضروريات أخلاقية، ولا تزال تعتبر قانونًا قابلاً للإنفاذ من قبل البعض. فُسّرت “السرقة” في هذه الوصية عرفيا من قبل التعقيبات اليهودية بسرقة إنسان حقيقي أي السلب، بما في ذلك الاتجار بالبشر.

كما إن الترجمة السياقية للوصية في التقاليد اليهودية “لا تخطف”. لكن فُسرت هذه الوصية في التقاليد غير اليهودية على أنها الاستحواذ غير المصرح به على الملكية الخاصة (السرقة)، وهو إجراء غير مشروع محرم بالفعل في مكان آخر من الكتاب المقدس العبري، لكن قصاصه ليس الموت بينما عقوبة الاختطاف الإعدام.

لا تشهد شهادة الزور

«لَا تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ» هي الوصية التاسعة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس العبري، كُتبت على ألواح موسى. تُعتبر الوصية نهيًا عن البهتان وبالأخص شهادة الزور، اليوم في جل الثقافات يتباين مفهوم الكذب بشكل عام عن مفهوم شهادة الزور والذي هو أمر غير شرعي دائمًا بموجب القانون الجنائي ويستوجب العقاب.

في التعاليم اليهودية يرخص الكذب بشكل عام في مواقف معينة أو حتى أحيانًا يستحق الإشادة. ويُعتبر “كذب أبيض”، لكن بشرط ألا يكون الكذب تحت القسم أو يضر شخص آخر.

تنبثق هذه الوصية من أمر الرب لبني إسرائيل أن يشهدوا على ألوهيته، وألا يكتموا الحقيقة، لا بالكلمة ولا بالفعل عن رفض التزام الذات بالتقوى الأخلاقية: فهي خيانة أساسية للخالق، وبهذا المغزى، فإنها تقوض أسس الميثاق مع الرب.

لا تشته بيت قريبك

«لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ» وفي الترجمة الإنجليزية الأكثر شيوعًا «لا تطمع»، هي الوصية العاشرة والأخيرة من الوصايا العشر في الكتاب المقدس، والتي كُتبت على ألواح موسى.

الوصية العاشرة حسب سفر الخروج وسفر التثنية: “لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ.”

على عكس الوصايا الأخرى التي تركز على الأعمال المحظورة، تركز هذه الوصية ضد مجرد توق الشخص إلى صنيع بعض الأعمال المُحرمة.

يصف العهد الجديد يسوع بأنه يفسر الوصايا العشر على أنها قضايا تتعلق برغبات القلب بدلاً من مجرد تحريم بعض الأفعال المحظورة.

يربط التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية الوصية ضد الطمع بأمر “حب قريبك كنفسك”.

قال ابن عزرا عن سؤال “كيف لا يطمع الإنسان في شيء جميل في قلبه؟” أن المقصد الجوهري من كافة الوصايا هو تقويم الروح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى