الكلام في المنام: تفسير حلم الكلام والتخاطب والحديث بلغة عربية مفهومة أو أجنبية

أيها الإخوة والأخوات، سلام الله عليكم جميعا وأهلا بكم في موقع تفسير الأحلام وتعبير الرؤى. في هذا اللقاء سوف نتناول بإذن الله وعونه تفسير الكلام والتكلم في المنام وفق مقاربة سيكولوجية. أما الكتب العربية الشهيرة فلم تتطرق إطلاقا لهذا الموضوع أو هي قد تناولته من جوانب أخرى دونما الغوص والتعمق في المعنى الأساسي للكلام أو التحدث أو النطق.

تفسير الكلام والتكلم في الحلم

الكلام الواضح والمعبر في المنام محمود خاصة إذا كان فصيحا أو ذو عبارات حسنة فإذا سمع الرائي كلاما حلوا مثل الثناء أو الشكر فإنه في يقظته يتوقع سماع خبر جيد وربما دلت رؤيا الكلام الجميل المنمق على حدوث أمر سعيد بقدر حلاوة المنطوق من الكلمات أو عذوبتها.

أما التكلم بعبارات نابية أو سيئة فهو في المنام يعبر عن أمر سيئ ولعل الحلم يكشف عن أفكار أو طاقة سلبية كامنة في نفس الرائي أو عقله الباطن.

يحمد في المنام التكلم بلغات أجنبية شريطة أن يكون الكلام مفهوما ويؤدي معنى واضح ويحمد كذلك التكلم بلسان عربي مبين لأن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة الحديث النبوي الشريف وهي من اللغات الأكثر شيوعا أو استعمالا.

كره المفسرون القدماء أمثال ابن سيرين والنابلسي التكلم بلغة الشعر أو أسلوبه لأن الشعر في التأويل معبر عن الرياء أو الكذب أو النفاق.

مثل الكلام في الرؤى كمثل الكتابة فكلاهما يجري تأويله وفق فحوى المنطوق أو المكتوب من عبارات.

الثرثرة في المنام مكروهة وفق التفاسير الإسلامية والغربية على حد السواء فقد نسب للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه قوله:

“القول يقتل الفعل” .

خير الكلام في المنام ما يدور بين الرائي ونفسه ففي ذلك دلالات إيجابية صرفه منها ما يعبر عن مراقبة النفس أو ضبطها ومنها ما يعبر عن صفاء الروح ونقائها وخير الكلام أو القول ما يسمع من الحكماء والعقلاء أو الشيوخ والأئمة أو المعلمين والأساتذة وأصحاب الولاية أو الحكم أمثال الأمراء والرؤساء والملوك.

أما أفضل ما يسمع من الكلام والقول في الرؤى هو كلام الله والرسل أو الملائكة والأنبياء، فتكليم الله محمود للغاية ويعبر عن مكانة الرائي العالية ووجاهته وكلام الملائكة بشارة أو تحذير ومن كلم في حلمه نبيا من المرسلين مثل موسى أو عيسى أو محمدا أو يحيا أو يوسف أو زكريا فقد يجزى بمثل ما قال أو سمع لأن قول الأنبياء حق وليس من نبي مرسل من الله ينطق عن الهوى.

والكلام مع الميت حق لأنه في دار الحق وتكليم الحيوانات يدل على الهيبة والسلطان والأصل في ذلك التأويل أن النبي سليمان عليه السلام كلم النمل والهدهد وغيرهما وقد ورد ذلك في قصص القرآن الكريم.

وقد كره المفسرون الأوائل التكلم بلسان أعجمي غير مفهوم وقيل في تأويل ذلك: بدعة صرفه تجري على لسان الرائي فتغوي نفسه أو تظل سامعه.

أشخاص قد نخاطبهم أو نكلمهم في المنام 

التكلم في الحلم مسألة هامة ، بمعنى أن التفسير يجري وفق معنى الكلام و فحواه فمن تكلم مع صديقه في الحلم و كان فحوى حديثهما وديا أو حميميا أو إيجابيا دلت الرؤيا على صدقهما و التكلم مع الحبيب أو المحبوب في المنام محمود للغاية شريطة أن يدور بينهما حديثا في كنف اللياقة بعيدا عن اللغو أو الهراء لأن أي حديث فيه ذلك يدل على أهواء النفس أو نزعتها السلبية .

التكلم مع الآباء و الأمهات يدل على خير أو بشارة و كذلك الإخوة و الأخوات مادام الكلام حسنا و ليس فيه من العبارات ما يحرج أو يسيئ و الخير في التأويل أن يستمع الرائي إلى كلام العلماء و الأدباء و الحكام و يحمد كذلك سماع أقوال المشاهير و التحدث إليهم، شريطة أن يكون هؤلاء مما عرف عنهم حسن السجايا و الكياسة و يحمد في التأويل أن يخطب الرجل في مجموعة كبيرة من الناس مثلما يفعل الحكام و القادة أو الملوك و الرؤساء فتلك علامة سؤدد أو حظ أو نجاح أو سلطة أو نفوذ و يجري تأويل هذا الحلم وفق محور الخطاب و جوهره فإذا كانت العبارات قوية ولها دلالات واضحة دلت الرؤيا على توجهات الرائي الصريحة و الثابتة نحو تحقيق الأهداف و وينطبق هذا التأويل على المتزوجات و العازبات من النساء أيضا .

الترجمة أو التكلم بلغة أجنبية في المنام 

من الرؤى أو الأحلام الباعثة على التفاؤل، أن يرى الرائي في منامه كأنه يتكلم لغة أجنبية بطلاقة ووضوح ومثل ذلك (الإنجليزية والألمانية والفرنسية أو الإسبانية) فكلما كانت اللغة المستعملة في الحلم منتشرة ولها صدى أو تأثير كلما دلت الرؤيا على قدرات إيجابية يتمتع بها الرائي في الحاضر والمستقبل.

والترجمة في التأويل قد تدل على سفر وهي محمودة سواء رأى الشخص في منامه كأنه هو نفسه يترجم الكلام أو رأى كأن شخصا آخر يترجم له ما يدور من حديث حوله فإن هو فهم المعنى أو المغزى من ذلك القول أو الحديث فإنه في اليقظة قد يحقق شيئا من طموحه وينطبق هذا التأويل على الرجل والمرأة (المتزوجة أو العزباء).

التكلم مع الرضيع في المنام 

يحمد في التأويل أن يرى النائم كأنه يكلم رضيعا أو صبيا في المهد و الأصل في هذا التأويل يرجع إلى قصة العذراء عليها السلام عندما أشارت إلى قومها بأن يكلموا طفلها وهو لا يزال في المهد و تلك كانت علامة براءتها ونفس القصة حدثت مع سيدنا يوسف عندما اتهم زورا و بهتانا من قبل امرأة العزيز فتكلم شاهد من أهلها بالحق و قيل في بعض السرديات الكبرى بأنه كان رضيعا فبرأ يوسف من الجور و البهتان اللذان لحقا به فأصبح كلام الرضع رمزا للبراءة أو شهادة الحق و الخير في أن ترى المرأة المتزوجة ذلك، فإن هي كلمت رضيعا في مهده و كانت ممن لم ترزق بعد بالأبناء، فإن الرؤيا تكون لها بمثابة البشارة فقد تتحقق أمنيتها قريبا لأن كلام الرضع من الإعجاز و الله لا يعجزه أن يحقق للرائية ما تمنت .

مختصر القول، أن كل كلام في الرؤى محمود إذا جرى بين الرائي وشخص عرف عنه الصدق والأمانة وخير الكلام ما يكون حسنا ومعبرا ومفهوما وغالبا ما يعبر الكلام في الرؤى عن مضمونه أو معناه إذا جرى على لسان صديق أو قريب أو عزيز فإن كان خبرا سعيدا فإن الرائي سوف يدركه في اليقظة وكلام العدو أو الخصم أو الغريب يجري تأويله على النقيض وفق القاعدة المحكمة في تعبير القول وتفسير المعنى.

خير ما يمكنني أن أختم به هذا المقال هو قول الله عز وجل الذي أجراه على لسان نبيه موسى في سورة طه عندما كلفه بدعوة قومه إلى الحق والوحدانية والفضيلة. 

قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ( صدق الله العظيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى