
كيف يتطور موقف باكستان تجاه العدوان الإسرائيلي على إيران؟
رصد وتحليل شامل لموقف إسلام آباد بين السياسة الإقليمية والتوازنات الدولية
في محتوى هذا المقال
مع كل تصعيد جديد في المنطقة، تظهر باكستان كدولة إسلامية ذات موقع استراتيجي بارز، تتفاعل مع ما يجري على حدودها وخاصة في الملف الإيراني – الإسرائيلي، وهو ما كشفته التصريحات الرسمية والتطورات السياسية الأخيرة.
باكستان.. بداية واضحة في رفض العدوان
منذ اللحظة الأولى، لم تتردد باكستان في إعلان موقفها الرافض للعدوان الإسرائيلي على إيران. رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف لم يخفِ استنكاره الشديد للهجوم، واصفًا إياه بأنه “انتهاك صارخ للقوانين الدولية” وتهديد خطير للسلم والأمن الإقليمي والدولي.
ليس هذا فقط، بل قامت الجمعية الوطنية الباكستانية بإصدار قرار بالإجماع يدين العدوان ويطالب بوقف الحرب فورًا، مع التأكيد على ضرورة قيام المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإيقاف اعتداءاتها.
تصريحات وزير الدفاع الباكستاني.. مفاجأة مدوية
الموقف الذي أحدث صدى واسعًا داخل وخارج باكستان كان تصريح وزير الدفاع خواجَة عاصف، الذي أعلن أمام الجمعية الوطنية أن باكستان ستقف مع إيران بكل الوسائل الممكنة في مواجهة إسرائيل.
هذا التصريح أُوْليًّا فُسّر على أنه استعداد باكستان لدعم إيران عسكريًا في حال تطلب الأمر، إذ رأى الوزير أن صمت الدول الإسلامية سيؤدي إلى تراجع موقفها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة كلها.
وطالب الوزير بشكل واضح بعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي لتنسيق رد موحد، مؤكدًا أن الاعتداء الإسرائيلي ليس تهديدًا لإيران فقط، بل لأمن المنطقة والدول الإسلامية برمتها.
لماذا باكستان تشعر بالتهديد؟
العلاقة بين باكستان وإيران تتجاوز الجوار الجغرافي؛ فهي تتأسس على مصالح أمنية وسياسية مشتركة. فحين تصاعد التوتر بين الهند وباكستان، كانت إيران من أوائل الدول التي أعلنت دعمها السياسي والدبلوماسي لإسلام آباد. وهذا الدعم أثار توقعات حول تحالف متين بين البلدين، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية والهندية على الحدود.
باكستان بدورها أعلنت دعم النظام الإيراني سياسيًا ودبلوماسيًا، مع نفيها القاطع لأي دعم عسكري حتى الآن، رغم بعض الأخبار والتقارير التي روجت لدعم عسكري محتمل، مثل الحديث عن 750 صاروخًا باليستيًا مزمع إرسالها إلى إيران، وهو ما نفته باكستان بشكل قاطع.
دور إسرائيل والهند في التصعيد
الجانب الآخر من الصورة يشير إلى تورط القوات الإسرائيلية في التصعيد الأخير على الحدود، خصوصًا عبر استخدام الطائرات المسيّرة من طراز “هيرون” الإسرائيلية الصنع.
بحسب تقارير باكستانية، فإن أكثر من 80 طائرة مسيرة تم إسقاطها خلال التصعيد كانت تحت إشراف أفراد من الجيش الإسرائيلي، وهو ما يعقد المشهد ويجعل باكستان في موقف دفاعي حاد تجاه التهديدات التي تحيط بها.
في الختام
موقف باكستان اليوم يعكس واقعًا جيوسياسيًا معقدًا؛ دولة ترفض العدوان الإسرائيلي على إيران بكل قوة، وتدعو المجتمع الدولي والمنظمات الإسلامية إلى اتخاذ موقف حاسم.
لكن في الوقت نفسه، تحرص باكستان على الحفاظ على توازن دقيق، تنفي من خلاله أي دعم عسكري مباشر، رغم تأكيدها أن أمنها ومصالحها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بما يحدث على الحدود الإيرانية.
المشهد السياسي يبدو وكأنه يمهد لمرحلة جديدة من التحالفات والتوترات في جنوب آسيا والشرق الأوسط، حيث تُختبر قوة التحالفات الإسلامية وقدرتها على التصدي للتحديات الإقليمية والدولية.







