أشباح في حقائب السفر: كيف اخترقت إسرائيل العمق الإيراني وغيّرت قواعد اللعبة؟

في تقرير صحفي مثير نشرته وول ستريت جورنال، كُشف النقاب عن واحدة من أخطر وأذكى عمليات التسلل التي نفذتها إسرائيل ضد إيران.
فبدلاً من الصواريخ، استخدمت إسرائيل طائرات مسيّرة مفككة، تم تهريب أجزائها داخل حقائب سفر وشاحنات تجارية عادية إلى داخل إيران.
والأدهى من ذلك؟ لم يجرِ تجميع هذه المسيّرات في إسرائيل، ولا على الحدود… بل في قلب إيران نفسها!

هذه العملية ليست فقط ضربة عسكرية، بل صفعة استخباراتية موجعة لنظام الملالي، تكشف عن هشاشة أمنية فاضحة، وعن تطور نوعي في حرب الظلال بين طهران وتل أبيب.


طهران تحت المجهر: ورشة التصنيع المفخخة

في خطوة وصفها مراقبون بأنها غير مسبوقة، أعلن الأمن الإيراني اكتشاف ورشة تصنيع سرّية داخل العاصمة طهران، مخصصة لصناعة وتجميع المسيّرات التي تُستخدم لاحقًا في ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية.
الورشة كانت مزوّدة بمعدات حديثة، ومكوّنات دقيقة، وفريق مدرّب يتبع، على الأرجح، تعليمات مباشرة من الموساد.

وليس هذا فحسب، بل اعترفت السلطات بأن الطائرات المسيّرة التي هاجمت منشآت عسكرية حساسة في إيران في الشهور الأخيرة، انطلقت من داخل أراضيها نفسها، وليس من خارج الحدود!

وكأن طهران أصبحت “العدو الداخلي لنفسها”… أو كما يقول المثل الإيراني القديم:
“السكين التي قتلتنا كانت في مطبخنا.”


عقيدة إسرائيلية جديدة: الضرب من الداخل

وفق محللين في جيروزاليم بوست، تمثل هذه العملية “تغييراً جذرياً في العقيدة الأمنية الإسرائيلية”. فبدلاً من الاعتماد على ضربات بعيدة عبر الأجواء أو البحر، أصبحت إسرائيل تضرب من الداخل، بأيدٍ غير مرئية، ووجوه غير معروفة.

الهدف؟ ليس فقط تدمير منشآت عسكرية أو إحباط مخططات نووية، بل زرع الشك داخل النظام الإيراني نفسه.
من يمكن الوثوق به؟ من يتعاون؟ من يخون؟
هكذا تتحول الأنظمة القمعية إلى كيانات تشكّ في ظلّها… وهو بالضبط ما تسعى إليه إسرائيل.


الرسالة إلى إيران: لسنا بحاجة للدخول… نحن بالفعل في الداخل

هذه العملية المعقدة والمذهلة بعناصرها التقنية واللوجستية ترسل رسالة مباشرة إلى النظام الإيراني:

“لسنا بحاجة لاجتياز حدودكم. أنتم من فتح لنا الأبواب، ونحن اليوم داخل الغرف السرّية لأجهزتكم.”

وربما كانت أكثر لحظة إحراجًا للنظام الإيراني، حين نشرت صحيفة إسرائيل هيوم تفاصيل دقيقة عن الورشة السرّية قبل أن تعلن طهران نفسها عن اكتشافها!


نظرة إلى المستقبل: هل انتهت قواعد اللعبة؟

هذه الحادثة تفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة من الحرب بين إيران وإسرائيل، حيث لم تعد المعارك تُخاض فوق الأرض، بل تُنسج تحتها، أو داخل المطارات، أو في شُحنات بريدية تبدو بريئة.

ماذا بعد؟ هل نشهد ردًا إيرانيًا؟ أم أن نظام طهران أصبح مشغولًا بمطاردة الأشباح داخل حدوده أكثر من مجابهة عدوه الحقيقي؟

ومع ازدياد تعقيد هذه المواجهة، تزداد الحاجة لفهم أدواتها الجديدة: المسيّرات، الذكاء الاصطناعي، حرب السايبر، والعمالة المتخفية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى