تصعيد متسارع بين إسرائيل وإيران: بين قرع طبول الحرب وخيوط الدبلوماسية

في تطور لافت على الساحة الإقليمية، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان عاجل، عن استهدافه لعدة مواقع داخل العاصمة الإيرانية طهران، مؤكدًا أنه بصدد تنفيذ هجمات جديدة ضد أهداف إضافية داخل إيران. وقد بثت وسائل الإعلام الإسرائيلية صورًا وفيديوهات حية لما وصفته بـ”استعدادات القوات للتوغل في العمق الإيراني”.

هذا التصعيد العسكري جاء متزامنًا مع خطاب شديد اللهجة من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، حيث هاجم بشدة التهديدات الأمريكية المتزايدة، مؤكدًا أن “الشعب الإيراني لا يقبل بلغة التهديد، ولن يخضع، ولن يُفرض عليه سلم أو حرب”.

خامنئي: لا خضوع ولا استسلام

في خطابه الذي ألقاه في طهران، قال خامنئي:

“الأمريكيون الذين يدركون طبيعة هذه المنطقة، يعلمون أن دخولهم في صراع مباشر مع إيران سيعود عليهم بخسائر مضاعفة… أكثر مما يمكن أن تتكبده إيران نفسها”.

واستطرد:

“إيران لن تستسلم، ولن تخضع للغطرسة الأمريكية، وإذا فُرضت عليها الحرب، فسترد بكل قوة، وسيدفع المعتدون الثمن”.

الخطاب جاء محمّلًا بالرسائل السياسية والدينية، وكان خلف خامنئي صورة كبيرة للخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، في رمزية لافتة تهدف إلى استدعاء روح الثورة والمقاومة.

تحليل التصريحات: مواجهة على أكثر من جبهة

في لقاء مباشر عبر إحدى القنوات الفضائية، حلّل الدكتور حسن المومني، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، هذا التصعيد، معتبرًا أن إيران تسعى عبر هذه التصريحات إلى إيصال رسائل حازمة للخارج، مفادها أن إيران ما تزال قوية وقادرة على الرد.

وأشار الدكتور المومني إلى أن استخدام خامنئي للرموز الدينية والتاريخية في خطابه يحمل دلالة واضحة على توجه النظام الإيراني نحو “حشد الداخل”، والاستعداد النفسي والسياسي لمواجهة قد تكون طويلة الأمد. وأضاف:

“هناك تكرار لنمط تاريخي رأيناه خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث استخدمت القيادة الإيرانية نفس الاستراتيجية لشد العصب الداخلي”.

إسرائيل وأمريكا: تحالف تقليدي… ودور عربي غير واضح

من جهة أخرى، لم تخفِ الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل، حيث أكدت مرارًا على لسان مسؤوليها أن “أمن إسرائيل هو من أمن أمريكا”. إلا أن الجديد في هذه المرحلة، كما يوضح المومني، هو ظهور تحركات دبلوماسية في الخفاء، قد يكون هدفها فتح قنوات تفاوض خلف الأبواب المغلقة.

في هذا السياق، أفادت وكالة رويترز أن وفدًا إيرانيًا قد توجه إلى سلطنة عمان، دون تأكيد رسمي حول طبيعة هذه الزيارة أو أهدافها. وتحرص وسائل الإعلام على التعامل مع هذه المعلومة بحذر، في انتظار تحقق أكثر دقة من عدة مصادر.

وفيما يخص الدور العربي، أشار الدكتور المومني إلى إمكانية انخراط بعض الدول الخليجية مثل السعودية وعُمان في محاولة للوساطة، أو على الأقل لضمان عدم توسع رقعة الصراع إقليميًا، خاصة في ظل حساسية التوازنات الأمنية في المنطقة.

ترامب و”الالتفاف حول الراية”

أما في الداخل الأمريكي، فقد ظهرت تصريحات جديدة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي استغل الأجواء التصعيدية ليُعيد إلى الساحة خطاب “الالتفاف حول الراية” (Rally around the flag)، وهي استراتيجية معروفة لدعم وحدة الشعب في أوقات التوترات الدولية.

كذلك، تحدث وزير الدفاع الأمريكي أمام مجلس الشيوخ، مؤكدًا استعداد الولايات المتحدة لكل السيناريوهات، دون أن يُغلق الباب أمام “إمكانية التهدئة إذا توفرت شروط دبلوماسية ملائمة”.

التصعيد والمفاوضات… وجهان لعملة واحدة؟

يرى عدد من المحللين أن التصعيد الحالي لا يستبعد احتمال التفاوض، بل قد يكون مقدمة له. ففي الكثير من الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، تتزامن لغة النار مع محاولات فتح قنوات خلفية للحوار. وكأن كل طرف يرفع سقف التصعيد لتحسين شروط التفاوض لاحقًا.

خلاصة: المنطقة أمام لحظة مفصلية

بين التصعيد العسكري والدعوات إلى التهدئة، تقف المنطقة أمام مفترق طرق خطير. فإما أن تنزلق إلى مواجهة شاملة لا تُحمد عقباها، وإما أن تنجح جهود الوساطة – سواء كانت عُمانية أو دولية – في احتواء الموقف وإعادة الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وفي ظل هذا المشهد المتوتر، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، والكل يترقب: هل ستكون الأيام القادمة بداية لانفجار شامل، أم لانفراج سياسي مفاجئ؟


كلمات مفتاحية: إيران، إسرائيل، علي خامنئي، الجيش الإسرائيلي، التصعيد العسكري، سلطنة عمان، الولايات المتحدة، دونالد ترامب، مفاوضات، الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى