تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل: استهداف مبنى التلفزيون في طهران وساحة آزادي
في محتوى هذا المقال
طهران – العربية
في تطور بالغ الخطورة على الساحة الإيرانية، أفادت وسائل إعلام رسمية بتعرض مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني في طهران لهجوم، عقب ساعات فقط من تهديد أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي لوّح باستهداف منشآت رمزية ومفصلية داخل إيران.
بث التلفزيون الإيراني مشاهد مباشرة تُظهر لحظة الانفجار الذي هز ساحة آزادي غرب العاصمة، وهي واحدة من أبرز الساحات العامة ذات الطابع الرمزي في البلاد. كما أظهرت لقطات لحظات ارتباك داخل الاستوديو قبيل انقطاع البث، قبل أن تعود المذيعة لمواصلة التغطية من استوديو بديل، في خطوة اعتُبرت محاولة لترميم المعنويات وتحدي الرسالة الرمزية للهجوم.
رسائل متعددة في أهداف دقيقة
الهجمات لم تقتصر على مبنى الإعلام الرسمي؛ فقد أشارت تقارير إلى استهداف مصنع لطائرات الهليكوبتر قرب ساحة آزادي، إضافة إلى منشآت يُعتقد أنها مرتبطة ببرنامج الصواريخ الإيراني. وأوضحت مصادر أن هذه الضربات جاءت ضمن سلسلة ممنهجة تستهدف الداخل الإيراني، في ما وصفه مراقبون بـ”تكتيك كسر المعنويات” وتسليط الضوء على هشاشة البنية الأمنية في قلب طهران.
المستشار العسكري رياض قهوجي، وفي تحليله عبر “العربية”، اعتبر أن استهداف مبنى التلفزيون يعكس بعداً رمزياً بالغاً، قائلاً:
“في نظام يقوم على الخطاب الإعلامي والتعبئة الجماهيرية، فإن قصف مصدر المعلومة بحد ذاته يُعدّ ضربة نفسية بليغة، هدفها التشكيك في صلابة الدولة داخلياً.”
الرئاسة الإيرانية: الردّ قادم وبقوة
الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خرج عن صمته ليؤكد أن بلاده “ستردّ بشكل أكثر إيلاماً” في حال استمرت الاعتداءات الإسرائيلية. وفي كلمة أمام البرلمان، شدد على أن “الجيش الإيراني في حالة تأهب كامل”، وأضاف:
“إسرائيل تظن أن اغتيال القادة والعلماء يزعزع استقرار البلاد، لكننا مستعدون للمواجهة، ولن نتنازل عن حقوقنا، خصوصاً في مجال الطاقة النووية السلمية.”
وأكد بازشكيان أن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، واصفاً هذه الاتهامات بأنها “محض افتراء”، وقال:
“نحن لم نغادر طاولة المفاوضات، بل بدأنا حواراً غير مباشر… ولا مكان لأي صوت داخلي يخالف مبادئ قائد الثورة بشأن هذا الملف.”
تهديدات متبادلة وحرب نفسية
الخبير في الشأن الإيراني وآسيا الوسطى، مسعود الفك، اعتبر أن استهداف منشآت حساسة في مناطق ذات رمزية مثل ساحة آزادي يحمل دلالات واضحة. وقال:
“الهجوم على مصنع طائرات الهليكوبتر قرب الساحة هو إشارة إلى أن إسرائيل تسعى لضرب البنية العسكرية تحت غطاء رمزي – سياسي. إنها رسالة واضحة إلى الداخل والخارج معاً.”
وأشار الفك إلى أن إيران بدأت فعلياً في تنفيذ هجمات مضادة داخل العمق الإسرائيلي، مؤكداً أن “المعادلة تغيرت”، وأن “إسرائيل لن تستطيع حسم المعركة في ليلة وضحاها، كما كانت تعتقد بعض التحليلات الغربية”.
قدرات صاروخية وقلق إسرائيلي
وحول القدرات الصاروخية الإيرانية، قال الفك إن من الصعب تحديد حجم المخزون الإيراني بدقة، لكنه أشار إلى أن البلاد تعمل على تطوير وتخزين الصواريخ منذ عام 1988، وأن “الاختبار الحقيقي الآن يتم على الأرض”.
وأردف:
“الضربات الأخيرة أثبتت أن لإيران صواريخ دقيقة قادرة على إحداث أضرار فعلية داخل إسرائيل، وهذا يلعب دوراً في تقويض الصورة الأسطورية التي تحاول إسرائيل تسويقها عن تفوقها الأمني والعسكري.”
حرب رموز وصراع إعلامي
استهداف مبنى التلفزيون الإيراني لم يكن مجرد ضربة عسكرية، بل شكّل جزءاً من حرب الرموز، بحسب مراقبين. إذ تمثل هذه المؤسسة مصدر السلطة الإعلامية للنظام، وتعد منصته الرسمية لإيصال الرسائل إلى الداخل والخارج.
وعلّق الفك على هذه النقطة بقوله:
“قصف الاستوديو الذي خرجت منه مذيعة تهدد إسرائيل قبل دقائق فقط، هو ضربة معنوية مباشرة، لكن عودتها السريعة إلى الهواء من موقع آخر أعادت بعض التوازن، ورسخت صورة التحدي الإيراني.”
سيناريوهات مفتوحة وتصعيد مستمر
في ظل هذا التصعيد المتبادل، تبدو المنطقة متجهة نحو مرحلة أكثر تعقيداً، حيث لمّحت وسائل إعلام إيرانية إلى “هجوم مفاجئ وكبير للغاية” قد تنفذه طهران قريباً ضد أهداف إسرائيلية.
ويختتم المراقبون بالتحذير من أن “اللعب على الحافة” بين إيران وإسرائيل، قد يتحول إلى مواجهة شاملة، خصوصاً في ظل هشاشة التفاهمات الإقليمية وتراجع دور الوساطات الدولية.







