
وداعًا جوجل، مرحبًا ChatGPT: بداية ثورة جديدة في عالم البحث
في محتوى هذا المقال
لطالما ارتبط البحث عن المعلومات على الإنترنت في أذهاننا بـ “جوجل”، ذلك العملاق الذي ظل لسنوات يهيمن على عقولنا وأوقاتنا. كانت تلك اللحظات التي نكتب فيها سؤالًا وننتظر ثوانٍ لنعثر على جوابنا من بين مئات النتائج، لحظات اعتيادية تُؤثث عالمنا الرقمي. ولكن، كما هو الحال مع كلّ الأشياء العظيمة، يأتي الوقت الذي يسعى فيه الجديد ليحل مكان القديم، وكأنّ التاريخ يعيد نفسه في عالم الإنترنت. وها نحن اليوم نشهد تحولًا مفاجئًا وملحوظًا، ليس فقط في كيفية وصولنا إلى المعلومات، بل في الطريقة التي نتعامل بها مع هذه المعلومات.
الذكاء الاصطناعي: عودة المساعد الرقمي الذكي
في دراسة حديثة أجريت في ديسمبر 2024، أفادت النتائج أن أكثر من ربع المستخدمين في الولايات المتحدة – 27% تحديدًا – قد اختاروا التوجه نحو أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT كبديل لمحركات البحث التقليدية. أما في المملكة المتحدة، فقد كانت النسبة 13%، وهي نسبة تمثل بداية تحول دراماتيكي في سلوك البحث. هل نقترب من نهاية هيمنة محركات البحث؟ أم أن هذه هي البداية فقط؟
إنها ليست مجرد أرقام؛ بل هي إشارة إلى أن الزمن قد بدأ يتحرك ببطء نحو حقبة جديدة. زمن حيث يصبح الذكاء الاصطناعي، بمساعدته الرقمية العميقة، هو الخيار الأول الذي يلجأ إليه المستخدم للبحث عن المعرفة.
لماذا يختار الناس الذكاء الاصطناعي؟
الجواب ليس صعبًا، بل يكمن في التفاعلات البسيطة التي يقدمها هذا المساعد الرقمي، حيث يكمن السر في سرعة الوصول إلى المعلومة، ودقة الإجابة، وذكاء التخصيص. لننظر إلى الأسباب التي جعلت الذكاء الاصطناعي الخيار المفضل للعديد من المستخدمين.
- السرعة والدقة:
في هذا العصر الذي بات الوقت فيه من أثمن ما نملك، لا يوجد مكان للبطء. إذ يحتاج كل واحد منا إلى إجابة سريعة ودقيقة من دون الحاجة للتنقل بين عشرات الروابط والمصادر. أحد المشاركين في الاستطلاع قال: “لم يعد لدي وقت لأضيع في تصفح مئات النتائج. أريد الإجابة، والذكاء الاصطناعي يعطيني إياها فورًا”. كأنما، وكما يُقال في المثل الشعبي، “العقل أسرع من القدمين”، فما بالك إذا كانت الإجابة تأتي إليك كما لو كانت نابعة من عقلك ذاته. - سهولة الاستخدام:
أصبح الذكاء الاصطناعي يثير إعجاب مستخدميه ببساطته وتخصيصه الذكي. لا مزيد من البحث العميق والتأمل في مئات الكلمات المفتاحية، بل فقط سؤال واحد، ويعطيك المساعد الرقمي كل ما تحتاج إليه في لمحة. “هو أسهل من جوجل بمراحل”، يقول أحد المستخدمين. ربما كان هذا الوصف أقرب إلى الحقيقة من مجرد مجاملة. - دقة الإجابة:
لا أحد يحب التشويش في المعلومات. محركات البحث قد تقدم لك مئات النتائج المتباينة، ولكن الذكاء الاصطناعي يقدم لك إجابة واحدة، دقيقة، مدعومة بما يتلاءم مع سؤالك تمامًا. قال أحد المستخدمين: “الذكاء الاصطناعي يعطيني إجابة دقيقة، وأحيانًا يكون أكثر موثوقية من المصادر التقليدية.” - التخصيص والتفصيل:
ما يميز الذكاء الاصطناعي هو قدرته على تكييف الإجابة حسب السياق. إذا كان سؤالك مرتبطًا بمجال أكاديمي، أو حتى بحالة شخصية، فالإجابة ستكون متناسبة مع تفاصيل بحثك. كما ذكر أحد الطلاب: “استخدمت الذكاء الاصطناعي لكتابة أطروحتي الجامعية، وكان يقدم لي المساعدة الشخصية التي احتجتها في كل مرة”. - عمق الفهم وسهولة الشرح:
ربما كان البحث التقليدي في بعض الأحيان يقودنا إلى مساحات مظلمة من المعلومات المعقدة التي يصعب فهمها. أما مع الذكاء الاصطناعي، فقد أصبح بإمكاننا الحصول على تفسيرات عميقة، ولكنها في ذات الوقت سهلة الفهم. كيف؟ ببساطة، لأن هذا المساعد الرقمي يختصر لنا المسافات بين الأسئلة والجواب.
هل نحن على أعتاب ثورة جديدة؟
إن ما يحدث الآن ليس مجرد تطور تقني، بل هو تحول جوهري في عالمنا الرقمي. “الذكاء الاصطناعي ليس مجرد محرك بحث، بل هو مساعد رقمي يفهمك ويقدم لك المساعدة كما لو كان جزءًا منك”، يقول A.J. Ghergich، نائب رئيس شركة Botify. هذا التغيير في طريقة البحث لا يقتصر فقط على الحصول على إجابات، بل على طريقة التفاعل مع المعلومات نفسها. هل بدأنا ننتقل من عصر “البحث عبر الروابط” إلى عصر “التفاعل مع المساعدين الرقميين الذكيين”؟ قد يكون الجواب “نعم”.
في دراسة أخرى قامت بها CCS Insight، كشف عن أن 45% من المستخدمين في المملكة المتحدة بدأوا يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في وظائف متنوعة مثل تلخيص المستندات وصياغة الرسائل الإلكترونية. هل رأيت كيف أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من روتين حياتنا اليومي؟
إلى أين نحن ذاهبون؟
المستقبل يبدو مشرقًا لهذا المجال. تقنيات الذكاء الاصطناعي تتطور بسرعة مذهلة، والشركات الكبرى مثل Google Gemini وPerplexity AI تتنافس لدخول ساحة البحث الذكي، مما يعني أن المنافسة ستكون أكثر شراسة في المستقبل القريب. إن الذكاء الاصطناعي لا يقدم لنا فقط بديلاً لمحركات البحث التقليدية، بل يفتح لنا أفقًا جديدًا في طريقة تفكيرنا واستهلاكنا للمعلومات.
قد لا نكون بعيدين عن يومٍ قريب يتم فيه الإعلان عن موت محركات البحث التقليدية، أو على الأقل تقليص دورها بشكل كبير. لكن دعونا لا نستبق الأحداث، فربما يكون جوجل نفسه في جعبته المفاجآت، ولن نستطيع التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل.