
مقتل تونسي على يد فرنسي: جريمة عنصرية تهز المجتمع الفرنسي وتفتح تحقيقاً إرهابياً
في محتوى هذا المقال
في مشهد أعاد إلى الأذهان أشباح الماضي الاستعماري وأعاد فتح جراح العنصرية المزمنة في أوروبا، اهتزت مدينة بوجيه سور أرجانس الواقعة جنوب فرنسا، يوم 3 يونيو 2025، على وقع جريمة قتل مروّعة راح ضحيتها المواطن التونسي هشام ميراوي، على يد جاره الفرنسي في حادثة باتت توصف بأنها “جريمة كراهية بامتياز”.
فيديوهات تحريض وكراهية: قاتل لا يخفي نواياه
لم تكن الجريمة مفاجئة لمن تابع المحتوى الذي كان ينشره الجاني. فقد وثّقت التحقيقات الأولية أن القاتل عمد إلى نشر فيديوهات ذات طابع تحريضي عنصري قبل وقوع الجريمة وبعدها، ما أثار الشبهات حول دوافعه العميقة والتي لم تكن فقط شخصية، بل مؤدلجة وموجهة. هذه المعطيات دفعت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في فرنسا إلى فتح تحقيق رسمي بتهمة القتل المرتبط بعمل إرهابي، وهو ما يعكس خطورة الجريمة وأبعادها السياسية والاجتماعية.
من هو هشام ميراوي؟
الضحية لم يكن سوى مواطن تونسي عادي، مقيم في فرنسا منذ سنوات، معروف بين جيرانه بطيبته وحبه للعمل. لم يكن ناشطًا سياسيًا، ولا متورطًا في أي ملف أمني. هشام كان أبًا، وزوجًا، وحلمًا صغيرًا يمشي على الأرض. لكن حلمه انتهى برصاصة كراهية، عبّرت عن وجه قبيح يطلّ من بين جدران الجمهورية الفرنسية.
توقيت الجريمة.. ليس صدفة
الجريمة تأتي في سياق سياسي واجتماعي متوتر في فرنسا، حيث تتصاعد الأصوات اليمينية المتطرفة، وتشتد الحملات الانتخابية بلغة “نحن” و”هم”، في محاولة لرسم صورة “الآخر” كخطر وجودي. هذا المناخ المتشنج فتح الباب لذهنية الكراهية، وزاد من استهداف الأقليات والمهاجرين في الخطاب العام، حتى صرنا نرى النتائج تتجسد دمًا في الشوارع.
ردود الفعل: الغضب يعبر الحدود
لم يتأخر الرد التونسي الرسمي والشعبي، حيث أعربت وزارة الخارجية التونسية عن “صدمتها البالغة” مطالبة بفتح تحقيق شفاف ومعمق، وضمان محاسبة الجاني على أساس الجريمة العنصرية لا مجرد خلاف جار مع جار.
أما في فرنسا، فقد أثارت الحادثة موجة غضب على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة في أوساط الجاليات المغاربية، حيث طالب كثيرون باعتبار الحادث “جرس إنذار” لما قد تصل إليه الأمور إن استمرت خطابات الكراهية في الانتشار دون ردع.
فرنسا.. على مفترق طرق
الجريمة لا يجب أن تُقرأ كحدث فردي معزول. إنها مرآة لحالة انقسام حقيقية داخل المجتمع الفرنسي، الذي يجد نفسه اليوم مضطرًا لمساءلة نفسه: أي قيم جمهورية تبقى حين يُقتل مواطن بسبب لونه أو أصله؟ وأي دولة قانون تلك التي يُترك فيها متطرف يعبث بالكراهية علنًا دون أن يُوقف حتى يرتكب جريمته؟
الرسالة واضحة: لا صمت بعد اليوم
ليس المطلوب فقط العدالة لهشام ميراوي، بل حماية حقيقية لكل من يعيش في فرنسا دون أن يكون اسمه فرنسيًا أو بشرته بيضاء. إن تبرير العنف باسم “الاضطراب النفسي” أو “الاختلافات الثقافية” لم يعد مقبولاً.
فرنسا اليوم، إما أن تنتصر لقيمها الحقيقية: الحرية، المساواة، الأخوة، أو تسقط في مستنقع الفاشية الجديدة.
خاتمة: هشام ليس مجرد اسم
في النهاية، هشام ميراوي ليس مجرد ضحية جديدة على قائمة طويلة من الأسماء. هو صوت عربي قُتل لأنه رفض أن يكون شبحًا في وطن احتضنه. هو جرح مفتوح في ذاكرة المغتربين، وتحذير صريح من أن العنصرية حين تُترك دون ردع، تصبح إرهابًا معلنًا.







