زاهي حواس يشعل جدلًا عالميًا في بودكاست

في أوائل مايو 2025، تحول استديو برنامج “ذا جو روغان إكسبيريانس” – أشهر بودكاست عالمي بملايين المتابعين – إلى ساحة معركة فكرية اشتعلت بين عالم الآثار المصري الشهير د. زاهي حواس والمذيع الأمريكي المثير للجدل جو روغان. ما بدأ كحوار علمي تحول إلى عاصفة هزت مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت إلى قمة “الترند” في مصر والعالم العربي، بعد أن وصف روغان الحلقة بأنها “الأسوأ في تاريخ برنامجه” .


❗ الانفجار: صدام بين العلم ونظريات المؤامرة

دار الحوار حول قضية شائكة: “من بنى الأهرامات؟”. وفقاً لرواية حواس، حاول روغان دفع الضيف لقبول نظريات غير علمية:

  • ادعاءات كران هاري: التي تنسب أحجار الأهرام إلى “قارة أخرى” وتنفي دور المصريين .
  • رفض الأدلة الأثرية: تجاهل روغان – حسب حواس – اكتشافات محورية مثل:
    • مقابر عمال الأهرامات التي تحوي أسماء البنَّائين (مثل “بناو”).
    • برديات وادي الجرف التي توثق نقل الحجارة من طرة وتفاصيل البناء في عهد خوفو .
  • هجوم على منهجية البحث: استنكر حواس دراسات إيطالية حول “أعمدة تحت هرم خفرع”، واصفاً إياها بـ”الشائعات” لعدم حصولها على تصريح عمل أو استخدامها تقنيات غير قادرة على اختراق 600 قدم تحت الصخور الصلبة .

تصريح حواس اللاذع:
“روغان إنسان سيء… أراد مني تأييد أساطير عن الأهرامات، لكنني واجهته بالحقائق. كلامي لم يُرضِه لأنه لا يبحث عن العلم بل عن الأوهام!” .


📊 ردود الفعل: انقسام حاد وصراع على السردية التاريخية

أثارت الحلقة موجة تفاعل عارمة:

  • المؤيدون: أشادوا بـ”الوقفة المشرفة” لحواس في الدفاع عن الحضارة المصرية ضد “خرافات الترويج الغربي”.
    “لما روغان يقول إن الحلقة كانت الأسوأ، يبقى د. زاهي قال الحقائق!” .
  • المنتقدون: وصفوا الحوار بالفوضوي، واتهموا حواس بالتعصب و”الغرور”، بينما بدا روغان “فاقداً لأعصابه” .
  • هجوم شخصي: وصل الجدل إلى اتهامات بحق حواس مثل “حرامي الآثار” على فيسبوك، بينما دافع عنه الإعلامي أحمد موسى كـ”حارس تاريخ مصر” .

⚡ تصعيد جديد: اتهامات بالتلاعب والمونتاج

لم يتوقف الأمر عند البودكاست، بل تصاعدت الحرب الإعلامية:

  • اتهام روغان بالتحيز: كشف حواس أن روغان قام بـ“مونتاج انتقائي” للقاء، قائلاً:
    “عرض الساعتين كاملتين لكنه أخرج لقطات تظهرني متوتراً أو مهاجماً… أنا لم أتعصب لكني كنت قوياً في رد الحقائق” .
  • تضارب الروايات: بينما وصف روغان حواس بـ”المنغلق” ، أكد مستشار حواس (علي أبو دشيش) أن الضيف دحض النظريات الكاذبة بـ”شخصية مصرية معتزة بحضارتها” .

🌍 الدلالات: أكثر من مجرد بودكاست!

تحول هذا الصدام إلى ظاهرة ثقافية تعكس صراعات أعمق:

  1. صراع الهوية: الدفاع عن “الفرعونية” كمصدر فخر قومي ضد نظريات “الاستلاب الحضاري” .
  2. معركة العلم vs الخيال: تصادم بين منهجية الأثريين (القائمة على المكتشفات) وخطاب “السوشيال ميديا” الذي يروج للإثارة دون دليل .
  3. قوة البودكاست كفضاء نفوذ: قدرة البرامج مثل “روغان” (13 مليون مشاهدة للحلقة!) على تشكيل الرأي العام العالمي، وتحويلها لساحات صراع ثقافي .
  4. التراث كرهان سياسي: تذكير حواس المتكرر بـ”استعادة الآثار المسروقة” يربط الجدل بقضايا السيادة على التاريخ .

تحذير حواس في نهاية الحلقة:
“كيف تنكر كل هذه الحقائق وتقول إن ‘ناسا’ جاءت من قارة مفقودة لتبني الهرم؟! أنت تتجنَّن!” .


الخاتمة: عندما يصير الحوار حرباً على التاريخ

لم يكن صدام حواس وروغان مجرد “بودكاست فاشل”، بل تجسيداً لمعركة بين روايتين:
الأولى ترفع شعار “العِلم والهوية” مستندة إلى أدلة أثرية ملموسة،
والثانية تروج لـ”الغموض والتشكيك” عبر نظريات تستهوي الجمهور لكنها تفتقر لأساس علمي.

بينما يرى البعض في حواس “بطلًا مدافعًا عن تاريخ مصر”، يراه آخرون “رجلًا متصلبًا”؛ لكن الجوهري هنا هو تحويل قضية الأهرامات – مرة أخرى – إلى سؤال وجودي:
من يملك حق كتابة التاريخ: أصحابه أم من يسوّقه؟
في عصر البودكاست والسوشيال ميديا، يبدو أن هذه المعركة قد بدأت للتو…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى