
أمريكا تدخل عهدًا ديكتاتوريًا جديدًا: انهيار الديمقراطية أم تحوّل جذري؟
في محتوى هذا المقال
في ظل التغيرات الجذرية التي تشهدها الولايات المتحدة، يبدو أن البلاد قد دخلت في مرحلة غير مسبوقة، حيث تتلاشى المبادئ الديمقراطية أمام تصرفات سلطوية متزايدة. رغم أن الكثيرين ما زالوا يؤمنون بأن الوضع لن يستمر على هذا النحو، إلا أن المؤشرات على الأرض ترسم صورة مختلفة تمامًا.
الرئيس فوق القانون: تفسير خاص للدستور
أحد أخطر التحولات التي تشهدها أمريكا اليوم هو انتهاك القوانين والأعراف الدستورية دون أي رادع. الإدارة الحالية لا تكتفي بتجاوز القرارات القضائية، بل تبرر ذلك بأن الرئيس لديه “قراءته الخاصة” للدستور، حتى في المسائل البديهية. الأمر لا يقف عند هذا الحد، فالحزب الحاكم بدأ فعليًا في تمهيد الطريق لإلغاء التعديل الدستوري السابع عشر، الذي يحدد فترات الرئاسة بولايتين فقط، ما يعني السعي للبقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى.
تفكيك الأجهزة الرقابية: الدولة في قبضة الشركات
لم تقتصر هذه التغيرات على المجال السياسي فحسب، بل امتدت إلى الاقتصاد والمجتمع. حيث تم حل جميع الهيئات الحكومية والرقابية التي كانت تتابع المعاملات الاقتصادية والمالية والصحية. وبهذا، أصبح المواطن الأمريكي تحت رحمة الشركات والبنوك دون وجود أي سلطة رقابية تحميه من التجاوزات. هذا الوضع الجديد يجعل السوق الأمريكية أشبه بغابة اقتصادية، حيث يفرض الأقوياء سيطرتهم دون أي ضوابط.
إعادة هيكلة الأمن: نحو سلطة مطلقة
الأمر الأكثر خطورة هو التغييرات الجذرية في المؤسسات الأمنية. فقد تم طرد جميع المحققين الفيدراليين والقضاة الذين أشرفوا على أهم القضايا الأمنية، كما تم تفكيك مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بشكل شبه كامل، مع تعيين شخصيات موالية للنظام في المناصب الحساسة. حتى وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) لم تسلم من هذا التفكيك، إذ تم طرد أغلب العناصر الفاعلة، خاصة تلك التي كانت تعمل على ملفات تتعلق بروسيا.
أما في البنتاغون، فقد تم التخلص من الغالبية العظمى من الجنرالات الذين خدموا تحت إدارات متعاقبة لضمان استمرارية المؤسسة العسكرية، ما يثير تساؤلات حول مدى استعداد الجيش لتنفيذ أوامر غير دستورية مستقبلاً.
نهاية الديمقراطية أم بداية مرحلة جديدة؟
كل هذه المؤشرات تدل على أن الولايات المتحدة تشهد واحدة من أكثر الفترات ظلمة في تاريخها الحديث. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل هذا التحول مجرد مرحلة انتقالية أم أننا أمام نهاية الديمقراطية الأمريكية كما نعرفها؟
إذا كان التاريخ قد علمنا شيئًا، فهو أن الديكتاتوريات لا تنتهي بسهولة، خاصة عندما تمسك السلطة بجميع مفاصل الدولة. الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت هناك مقاومة قادرة على إيقاف هذا المسار، أم أن أمريكا ستدخل بالفعل عهدًا جديدًا من الحكم المطلق.